للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: جِئْتُ أَنَا وَابْن عُيَيْنَةَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ جِئْتُمَانِي مَرَّةً، فَلاَ تَعُودَا.

وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الفَرِيْضَةِ أَسرَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ.

قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَوْصِنِي.

قَالَ: اتَّقِ الله، وَبِرَّ وَالِدَيكَ، وَيْحَكَ! صُمِ الدُّنْيَا، وَاجْعَلْ فِطْرَكَ المَوْتَ، وَاجْتَنِبِ النَّاسَ غَيْرَ تَارِكٍ لِجَمَاعَتِهِم (١) .

وَعَنْهُ، قَالَ: كَفَى بِاليَقِيْنِ زُهداً، وَكَفَى بِالعِلْمِ عِبَادَةً، وَكَفَى بِالعِبَادَةِ شُغُلاً.

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: رَأَيتُ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَفصَحِ النَّاسِ وَأَعْلَمِهِم بِالعَرَبِيَّةِ، يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً طَوِيْلَةً سَوْدَاءَ.

وَعَنْ حَفْصٍ الجُعْفِيِّ، قَالَ: وَرِثَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ مِنْ أُمِّهِ أَرْبَعَ مائَةِ دِرْهَمٍ، فَمَكَثَ يَتَقَوَّتُ بِهَا ثَلاَثِيْنَ عَاماً، فَلَمَّا نَفِدَتْ، جَعَلَ يَنْقُضُ سُقُوفَ الدُّوَيْرَةِ، فَيَبِيْعُهَا (٢) .

قَالَ عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ: عَاشَ دَاوُدُ عِشْرِيْنَ سَنَةً بِثَلاَثِ مائَةِ دِرْهَمٍ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ السَّلُوْلِيُّ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَعِيْدٍ، قَالَتْ:

كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ جِدَارٌ قَصِيْرٌ، فَكُنْتُ أَسْمَعُ حَنِيْنَه عَامَّةَ اللَّيْلِ، لاَ يَهْدَأُ، وَرُبَّمَا تَرَنَّمَ فِي السَّحَرِ بِالقُرْآنِ، فَأَرَى أَنَّ جَمِيْعَ النَّعِيْمِ قَدْ جُمِعَ فِي تَرَنُّمِهِ، وَكَانَ لاَ يُسرجُ عَلَيْهِ (٣) .

قَالَ أَبُو دَاوُدَ الحَفَرِيُّ: قَالَ لِي دَاوُدُ الطَّائِيُّ:

كُنْتَ تَأْتِيْنَا إِذْ كُنَّا، ثُمَّ مَا أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنِي.


(١) انظر الخبر في " الحلية ": ٧ / ٣٤٢ - ٣٤٤، و٣٤٥.
(٢) انظر " الحلية ": ٧ / ٣٤٧، ٣٥٢. ففيه أخبار قريبة مما ذكره المؤلف.
(٣) الخبر في " الحلية ": ٧ / ٣٥٧. وفيه زيادة عما هنا، فانظره.