للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ البُسْتِيُّ: كَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُوْلُوْنَ:

سَمَاعُ مَنْ سَمِعَ مِنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ، مِثْلَ العَبَادِلَةِ: ابْنِ المُبَارَكِ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَالمُقْرِئِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيِّ، فَسَمَاعُهُم صَحِيْحٌ، وَمَنْ سَمِعَ بَعْدَ احْترَاقِ كُتُبِهِ، فَسَمَاعُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ.

وَكَانَ ابْنُ لَهِيْعَةَ مِنَ الكَتَّابِيْنَ لِلْحَدِيْثِ، وَالجَمَّاعِيْنَ لِلْعِلْمِ، وَالرَّحَّالِيْنَ فِيْهِ.

وَلَقَدْ حَدَّثَنِي شَكَّرٌ (١) : حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ مُسَلَّمٍ، عَنْ بِشْرِ بنِ المُنْذِرِ، قَالَ:

كَانَ ابْنُ لَهِيْعَةَ يُكْنَى: أَبَا خَرِيْطَةَ؛ كَانَتْ لَهُ خَرِيطَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِي عُنُقِهِ، فَكَانَ يَدُورُ بِمِصْرَ، فَكُلَّمَا قَدِمَ قَوْمٌ كَانَ يَدُورُ عَلَيْهِم، فَكَانَ إِذَا رَأَى شَيْخاً، سَأَلَه مَنْ لَقِيْتَ، وَعَمَّنْ كَتَبتَ، فَإِنْ وَجَدَ عِنْدَهُ شَيْئاً، كَتَبَ عَنْهُ، فَلِذَلِكَ كَانَ يُكْنَى: أَبَا خَرِيْطَةَ (٢) .

قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَدْ سَبَرْتُ أَخْبَارَ ابْنِ لَهِيْعَةَ مِنْ رِوَايَةِ المُتَقَدِّمِيْنَ وَالمُتَأَخِّرِيْنَ عَنْهُ، فَرَأَيْتُ التَّخْلِيطَ فِي رِوَايَةِ المُتَأَخِّرِيْنَ عَنْهُ مَوْجُوْداً، وَمَا لاَ أَصْلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ المُتَقَدِّمِيْنَ كَثِيْراً، فَرَجَعتُ إِلَى الاعْتِبَارِ، فَرَأَيْتُهُ كَانَ يُدَلِّسُ عَنْ أَقْوَامٍ ضَعْفَى، عَلَى أَقْوَامٍ رَآهُم هُوَ ثِقَاتٍ، فَأَلزَقَ تِلْكَ المَوْضُوعَاتِ بِهِ (٣) .


= البخاري ٤ / ١٣٤، ١٣٥ بشرح " الفتح " في الصوم: باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا، ومسلم (١١٥٥) في الصوم: باب أكل الناسي وشربه لا يفطر من طريق هشام الدستوائي، عن
محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه "، وأخرج الدارقطني: ص ٢٣٧، والحاكم ١ / ٤٣٠، والبيهقي ٤ / ٢٢٩ من حديث محمد بن عبد الله الأنصاري، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة " وسنده حسن، وصححه ابن حبان (٩٠٦) .
(١) هو الحافظ الثقة الرحال أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر الهروي، المتوفى سنة ٣٠٣ هـ، مترجم في " تذكرة الحفاظ " ص ٧٤٨، ٧٤٩.
(٢) كتاب " المجروحين والضعفاء " ٢ / ١١، ١٢.
(٣) كتاب " المجروحين والضعفاء " ٢ / ١٢، والتدليس: أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه سمعه منه.