للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَمْ تَفْعلِي، لأَقُوْلَنَّ عَنْكِ: إِنَّكِ دَعَوتِيْنِي إِلَى هَذَا، وَلَئِنْ وَلَدتُ مِنِ ابْنِكِ، لِيكُوْننَّ لَكُمُ الشَّرَفُ، فَأَجَابَتْهَا.

قَالَ: فَاقتَضَّهَا، فَقَالَتْ: كَيْفَ رَأَيْتَ خدِيعَةَ بَنَاتِ الخُلَفَاءِ، فَأَنَا مَوْلاَتُكَ، فَطَارَ السُّكرُ مِنْ رَأْسِهِ، وَقَامَ، وَقَالَ لأُمِّهِ: بِعتِيْنِي -وَاللهِ- رَخِيْصاً، وَحَبِلَتْ مِنْهُ.

فَلَمَّا وَلدَتْ، وَكَّلَتْ بِالوَلَدِ خَادِماً وَمُرْضِعاً، وَبَعَثتْهُم إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ وَشَتْ بِهَا زُبَيْدَةُ، فَحَجَّ، وَتَحَقَّقَ الأَمْرَ، فَأَضْمَرَ السُّوْءَ لِلبَرَامِكَةِ، وَأَشَارَ أَبُو نُوَاسٍ إِلَى ذَلِكَ، فَقَالَ:

أَلاَ قُل لأَمِيْنِ اللَّـ ... ـهِ وَابْنِ القَادَةِ السَّاسَه

إِذَا مَا نَاكِثٌ سَرَّ ... كَ أَنْ تُعْدِمَهُ رَأْسَه

فَلاَ تَقْتُلْهُ بِالسَّيْفِ ... وَزَوِّجْهُ بِعَبَّاسَه (١)

وَسُئِلَ سَعِيْدُ بنُ سَالِمٍ عَنْ ذَنْبِ البَرَامِكَةِ، فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْهُم بَعْضُ مَا يُوجِبُ مَا فَعلَ الرَّشِيْدُ، لَكِن طَالَتْ أَيَّامُهُم، وَكُلُّ طَوِيْلٍ يُمَلُّ.

وَقِيْلَ: رُفعَتْ قِصَّةٌ إِلَى الرَّشِيْدِ فِيْهَا:

قُلْ لأَمِيْنِ الله فِي أَرْضِهِ ... وَمَنْ إِلَيْهِ الحَلُّ وَالعَقْدُ

هَذَا ابْنُ يَحْيَى قَدْ غَدَا مَالِكاً ... مِثْلَكَ مَا بَيْنَكُمَا حَدُّ

أَمْرُكَ مَرْدُوْدٌ إِلَى أَمْرِهِ ... وَأَمْرُهُ مَا إِنْ لَهُ رَدُّ

وَقَدْ بَنَى الدَّارَ الَّتِي مَا بَنَى ال* ـ ... ـفُرْسُ لَهَا مِثْلاً وَلاَ الهِنْدُ

الدُّرُّ وَاليَاقُوْتُ حَصْبَاؤُهَا ... وَتُرْبُهَا العَنْبَرُ وَالنَّدُّ

وَنَحْنُ نَخْشَى أَنَّهُ وَارِثٌ ... مُلْكَكَ إِنْ غَيَّبَكَ اللَّحْدُ

فَقَرَأَهَا، وَأَثَّرَتْ فِيْهِ (٢) .


(١) الخبر بطوله في " وفيات الأعيان " ١ / ٣٣٢، ٣٣٤.
(٢) ابن خلكان ١ / ٣٣٥، ٣٣٦.