والطريق الثاني: أنه أمر ومعناه الخبر، والمعنى أن من لم يستحي صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر وما يمتنع من مثله من له حياء، على حد قوله صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " فإن لفظه لفظ الامر، ومعناه الخبر، وأن من كذب عليه يتبوأ مقعده من النار. وهذا اختيار أبي عبيد القاسم بن سلام، وابن قتيبة، ومحمد بن نصر المروزي، وغيرهم، وروى أبو داود عن الامام أحمد ما يدل على مثل هذا القول. والقول الثاني في معنى قوله: " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ": أنه أمر بفعل ما يشاء على ظاهر أمره، وأن المعنى: إذا كان الذي يريد فعله مما لا يستحى من فعله لا من الله ولا من الناس لكونه من أفعال الطاعات، أو من جميل الاخلاق والآداب المستحسنة، فاصنع منه حينئذ ما شئت. وهذا قول جماعة من الأئمة منهم إسحاق المروزي الشافعي، وحكي مثله عن الامام أحمد. (١) " الجرح والتعديل " ٥ / ١٨١، والكبل: الفرو الكبير.