للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَوْرَانَ، مِنْ قَرْيَةِ جَاسِمٍ.

أَسْلَمَ، وَكَانَ نَصْرَانِيّاً.

مَدَحَ الخُلَفَاءَ وَالكُبَرَاءَ.

وَشِعْرُهُ فِي الذِّرْوَةِ.

وَكَانَ أَسْمَرَ، طُوَالاً، فَصِيْحاً، عَذْبَ العِبَارَةِ، مَعَ تَمْتَمَةٍ قَلِيْلَةٍ.

وُلِدَ: فِي أَيَّامِ الرَّشِيْدِ.

وَكَانَ أَوَّلاً حَدَثاً يَسقِي المَاءَ بِمِصْرَ، ثُمَّ جَالَسَ الأُدَبَاءَ، وَأَخَذَ عَنْهُمْ، وَكَانَ يَتَوَقَّدُ ذَكَاءً.

وَسَحَّتْ قَرِيحَتُهُ بِالنَّظْمِ البَدِيعِ، فَسَمِعَ بِهِ المُعْتَصِمُ، فَطَلَبَهُ، وَقَدَّمَهُ الشُّعَرَاءُ، وَلَهُ فِيْهِ قَصَائِدُ.

وَكَانَ يُوْصَفُ بِطِيبِ الأَخْلاَقِ وَالظُّرْفِ وَالسَّمَاحَةِ.

وَقِيْلَ: قَدِمَ فِي زِيِّ الأَعْرَابِ، فَجَلَسَ إِلَى حَلْقَةٍ مِنَ الشُّعَرَاءِ، وَطَلَبَ مِنْهُم أَنْ يَسْمَعُوا مِنْ نَظْمِهِ، فَشَاعَ، وَذَاعَ، وَخَضَعُوا لَهُ،

وَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ مَا صَارَ.

فَمِنْ شِعرِهِ:

فَحَوَاكَ عَيْنٌ عَلَى نَجْوَاكَ يَا مَذِلُ ... حَتَّامَ لاَ يَتَقَضَّى قَوْلُكَ الخَطِلُ (١)

المَذِلُ: الخَدْرُ الفَاتِرُ.

فَإِنَّ أَسْمَحَ مَنْ يَشْكُو إِلَيْهِ هَوَىً ... مَنْ كَانَ أَحْسَنَ شَيْءٍ عِنْدَهُ العَذَلُ (٢)

مَا أَقْبَلَتْ أَوْجُهُ اللَّذَّاتِ سَافِرَةً ... مُذْ أَدْبَرَتْ بِاللِّوَى أَيَّامُنَا الأُوَلُ

إِنْ شِئْتَ أَنْ لاَ تَرَى صَبْراً لِمُصْطَبِرٍ ... فَانْظُرْ عَلَى أَيِّ حَالٍ أَصْبَحَ الطَّلَلُ


(١) فحواك: من قولهم: عرفت ذلك في فحوى كلامه، أي: في معناه.
والمذل: الذي لايكتم سره، والخطل: المضطرب.
قال ابن المستوفي: وكأن قوله: " فحواك عين على نجواك " أي: ظاهرك يدل على مضمرك، أي: إن ظاهرك في نصحك يدل على عتبك في باطنك.
(٢) قال التبريزي: أي أقبح من شكوت إليه عشقك عاذل قد أولع بعذلك، فشكايتك إليه لاتنجع.
(٣) قال التبريزي: أي إن شئت أن ترى وتعلم قلة صبري على ما أحدثته الفرقة، فانظر حال الطلل.
وقال المرزوقي: يقول: إن أردت ألا توجب صبرا على من ابتلي بفراق أحبته، فانظر إلى الطلل وتأمله كيف اشتمل عليه البلى بفراقهم له، وانتقالهم عنه.