للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَأَنَّمَا جَادَ مَغْنَاهُ فَغَيَّرَهُ ... دُمُوْعُنَا يَوْمَ بَانُوا، فَهِيَ تَنْهَمِلُ

وَمَرَّ فِيْهَا، إِلَى أَنْ قَالَ - وَهِيَ فِي المُعْتَصِمِ -:

تَغَايَرَ الشِّعْرُ فِيْهِ إِذْ سَهِرْتُ لَهُ ... حَتَّى ظَنَنْتُ قَوَافِيهِ سَتَقْتَتِلُ (١)

وَقَدْ كَانَ البُحْتُرِيُّ يَرْفَعُ مِنْ أَبِي تَمَّامٍ، وَيُقَدِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَقُوْلُ: مَا أَكَلتُ الخُبْزَ إِلاَّ بِهِ، وَإِنِّي تَابِعٌ لَهُ.

وَمِنْ شِعْرِهِ:

غَدَتْ تَسْتَجِيرُ الدَّمْعَ خَوْفَ نَوَى الغَدِ ... وَعَادَ قَتَاداً عِنْدَهَا كُلُّ مَرْقَدِ (٢)

وَأَنْقَذَهَا مِنْ غَمْرَةِ المَوْتِ أَنَّهُ ... صُدُودُ فِرَاقٍ لاَ صُدُودُ تَعَمُّدِ (٣)

فَأَجرَى لَهَا الإِشْفَاقُ دَمْعاً مُوَرَّداً ... مِنَ الدَّمِ يَجْرِي فَوْقَ خَدٍّ مُوَرَّدِ

هِيَ البَدْرُ يُغْنِيهَا تَوَرُّدُ (٤) وَجْهِهَا ... إِلَى كُلِّ مَنْ لاَقَتْ وَإِنْ لَمْ تَوَدَّدِ

وَلَكِنَّنِي لَمْ أَحْوِ وَفراً مُجَمَّعاً ... فَفُزْتُ بِهِ إِلاَّ لِشَمْلٍ مُبَدَّدِ (٥)

وَطُوْلُ مُقَامِ المَرْءِ بِالحَيِّ مُخلِقٌ ... لِدِيبَاجَتَيْهِ، فَاغَتَرِبْ تَتَجَدَّدِ (٦)


(١) الابيات في " ديوانه " ٣ / ٥، ٢٠ وعدتها سبع وأربعون بيتا.
يمدح بها المعتصم بالله.
(٢) قال التبريزي: تستجيره: لأنها تستشفي به.
ويروى: " سرت " بدل " غدت "، قال ابن المستوفي: " غدت " أولى عندي من " سرت ".
والقتاد: الشوك.
(٣) قال التبريزي: خفف عنها أن الصدود ليس بقصد، وإنما هو فراق بعد.
(٤) في " الديوان " و" الاغاني ": " تودد "، بالدال.
وتودد وجهها: حسنه، وأن كل أحد يحبه.
(٥) رواية " الديوان ": " إلا بشمل " وكذا في " الاغاني "، بالباء.
قال التبريزي: أي إلا بشمل كان لي ففرقته، لاني فارقت أهلي وولدي.
(٦) رواية " الاغاني ": " في الحي ".
أي: اغترب لكي يشتاق إليك.
والديباجتان: الخدان، وربما قالوا: الليتان.
ويجوز أن يكون عنى الخدين، لانهما في معنى الوجه، وقد يحتمل أن يكون جعل الديباجتين مثلا ولم يرد الخدين، ولكنهما جريا مجرى البردين
والثوبين، فيكون الواحد والجمع في معنى واحد، لأنه إذا قيل: فلان مخلق البرد أو البردين، فالمعنى: أنه مخلق الثياب.
وأراد بالديباجتين ما يظهر من أمره، لان ملبس الإنسان يدل على باطنه.