للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا الأَصَمُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيَّ، سَمِعْتُ فُوْرَانَ صَاحِبَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ:

سَأَلَنِي الأَثْرَمُ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المُعَيْطِيُّ أَنْ أَطلبَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ خَلوةً، فَأَسألُهُ فِيْهَا عنْ أَصْحَابِنَا الذينَ يُفرِّقونَ بينَ اللَّفْظِ وَالمحكِيِّ.

فَسَأَلتُه، فَقَالَ: القُرْآنُ كَيْفَ تُصُرِّفَ فِي أَقوَالِه وَأَفْعَالِه، فَغيرُ مَخْلُوْقٍ.

فَأَمَّا أَفْعَالُنَا فمَخْلُوْقَةٌ.

قُلْتُ: فَاللَّفظيَّةُ تَعدُّهُم يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ فِي جُمْلَةِ الجَهْمِيَّةِ؟

فَقَالَ: لاَ، الجَهْمِيَّةُ الَّذِيْنَ قَالُوا: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ.

وَبِهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ فُوْرَانَ يَقُوْلُ:

جَاءنِي ابْنُ شَدَّادٍ بِرقعَةٍ فِيْهَا مَسَائِلُ، وَفِيْهَا: إنَّ لَفْظي بِالقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، فَضَرَبَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَلَى هَذِهِ، وَكَتَبَ: القُرْآنُ حَيْثُ تُصُرِّفَ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.

قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ أسمَاءَ اللهِ مَخْلُوْقَةٌ، فَقَدْ كَفَرَ.

وَقَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:

مَنْ تَعَاطَى الكَلاَمَ لاَ يُفلِحُ، مَنْ تَعَاطَى الكَلاَمَ، لَمْ يَخلُ مِنْ أَنْ يَتَجَهَّمَ.

وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:

مَنْ أَحَبَّ الكَلاَمَ لَمْ يُفلحْ، لأنَّهُ يَؤُوْلُ أَمرَهُم إِلَى حَيْرَةٍ، عَلَيْكُم بِالسُّنَّةِ وَالحَدِيْثِ، وَإِيَّاكُم وَالخوضَ فِي الجِدَالِ وَالمِرَاءِ، أَدْرَكنَا النَّاسَ وَمَا يَعْرِفُوْنَ هَذَا الكَلاَمَ، عَاقبَةً الكَلاَمِ لاَ تَؤُولُ إِلَى خَيْرٍ.

وَللإِمَامِ أَحْمَدَ كَلاَمٌ كَثِيْرٌ فِي التَحْذِيْرِ مِنَ البِدَعِ وَأَهلهَا، وَأَقْوَال فِي السُّنَّةِ.

وَمَنْ نظرَ فِي كِتَابِ (السُّنَّةِ) لأَبِي بَكْرٍ الخَلاَّلِ، رَأَى فِيْهِ عِلْماً غَزِيْراً وَنقلاً كَثِيْراً.

وَقد أوردتُ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً فِي تَرْجَمَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ فِي (تَارِيْخ الإِسْلاَم) ، وَفِي كِتَابِ (العِزَّةُ لِلْعَلِيِّ العَظِيْمِ) .

فَتَّرَنِي عَنِ إِعَادَتِه هُنَا عَدمُ النِّيَّةِ.

فَنسأَلُ اللهَ الهَدَى، وَحُسنَ القصدِ. وَإِلَى الإِمَامِ أَحْمَدَ المُنْتَهَى فِي