وَصِيَّةُ أَحْمَدَ:
عَنْ أَبِي بَكْرٍ المَرُّوْذِيِّ، قَالَ: نَبَّهَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَكَانَ قَدْ وَاصَلَ، فَإذَا هُوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: هُوَ ذَا يُدَارُ بِي مِنَ الجُوْعِ، فَأَطْعِمْنِي شَيْئاً.
فَجِئتُهُ بأَقَلَّ مِنْ رَغِيْفٍ، فَأَكَلَه.
وَكَانَ يَقُومُ إِلَى الحَاجَةِ فَيَستَرِيحُ، وَيَقَعُدُ مِنْ ضَعفِهِ، حَتَّى إِنْ كُنْتُ لأَبُلُّ الخِرقَةَ، فَيُلقِيهَا عَلَى وَجْهِهِ لِتَرجِعَ إِلَيْهِ نَفْسُهُ بِحَيْثُ إِنَّهُ أَوْصَى، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ عِنْدَ وَصِيَّتِهِ - نَحْنُ بِالعَسْكَرِ - وَأَشهَدَ عَلَى وَصِيَّتِهِ:
هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمِّدٍ، أَوصَى أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحدَه لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَرَسُوْلُه.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: مَكَثَ أَبِي بِالعَسْكَرِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْماً، وَرَأَيْتُ مَآقِيَهُ دَخَلَتَا فِي حَدَقَتَيْهِ.
وَقَالَ صَالِحٌ: فَأَوْصَى أَبِي: هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ ... ، فَذَكَرَ الوَصِيَّةَ - وَقَدْ مَرَّتْ -.
مَرَضُهُ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
استَكمَلْتُ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَدَخَلتُ فِي ثَمَانٍ، فَحُمَّ مِنْ لَيلَتِهِ، وَمَاتَ اليَوْمَ العَاشِرَ.
وَقَالَ صَالِحٌ: لَمَّا كَانَ أَوّلُ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ مَنْ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حُمَّ أَبِي لَيْلَةَ الأَربِعَاءِ، وَبَاتَ وَهُوَ مَحمُومٌ، يَتَنَفَّسُ تَنَفُّساً شَدِيْداً، وَكُنْتُ قَدْ عَرَفتُ عِلَّتَه، وَكُنْتُ أُمَرِّضُه إِذَا اعْتَلَّ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَةِ، عَلَى مَا أَفطَرتَ البَارِحَةَ؟
قَالَ: عَلَى مَاءِ باقِلَّى.
ثُمَّ أَرَادَ القِيَامَ، فَقَالَ: خُذْ بِيَدِي.
فَأَخَذتُ بِيَدِهِ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى الخَلاَءِ، ضَعُفَ، وَتَوَكَّأَ عَلَيَّ (١) ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ
(١) عبارة المؤلف في " تاريخ الإسلام ": " ... ضعفت رجلاه حتى توكأ علي ".