للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَقْرَؤُهُ عَلَى الشَّيْخِ؟

قَالَ: قَدْ أَجَازَ لِي كُتُبَهُ -يَعْنِي: أَسَدَ بنَ مُوْسَى-.

فَأَتِيْتُ أَسَداً، فَقُلْتُ: تَمْنَعُنَا أَنْ نَقْرأَ عَلَيْكَ، وَتُجِيْزُ لِغَيْرِنَا؟

فَقَالَ: أَنَا لاَ أَرَى القِرَاءةَ، فَكَيْفَ أُجِيْزُ؟

فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذَ مِنِّي كُتُبِي، فَيَكْتُبُ مِنْهَا، لَيْسَ ذَا عَلَيَّ (١) .

وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَرِّ فِي (تَارِيْخِهِ) : ابْنُ حَبِيْبٍ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الحَدِيْثَ بِالأَنْدَلُسِ، وَكَانَ لاَ يَفْهَمُ طُرُقَهُ، وَيُصَحِّفُ الأَسْمَاءَ، وَيَحْتَجُّ بِالمَنَاكِيْرِ، فَكَانَ أَهْلُ زَمَانِهِ يَنْسِبُوْنَهُ إِلَى الكَذِبِ، وَلاَ يَرْضَوْنَهُ.

وَمِمَّنْ ضَعَّفَ ابْنَ حَبِيْبٍ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ صُحُفِيّاً، وَأَمَّا التَّعَمُّدُ، فَكَلاَّ.

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَرِّ: وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَحْشَةٌ، كَانَ كَثِيْرَ المُخَالَفَةِ لَهُ، لَقِيَ أَصْبَغَ بِمِصْرَ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ، فَكَانَ يُعَارِضُ يَحْيَى عِنْدَ الأَمْرِ، وَيَرُدُّ قَوْلَهُ، فَيَغْتَمُّ لِذَلِكَ.

قَالَ: فَجَمَعَهُمُ القَاضِي مَرَّةً فِي الجَامِعِ، فَسَأَلَهُم عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَفْتَى فِيْهَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَسَعِيْدُ بنُ حَسَّانٍ بِالرِّوَايَةِ، فَخَالَفَهُمَا عَبْدُ المَلِكِ، وَذَكَرَ خِلاَفَهُمَا رِوَايَةً عَنْ أَصْبَغَ، وَكَانَ عَبْدُ الأَعْلَى بنُ وَهْبٍ شَابّاً، قَدْ حَجَّ وَلَحِقَ أَصْبَغَ، فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ وَضَّاحٍ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ حَسَّانٍ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي كَذَا لِلْمَسْأَلَةِ المَذْكُوْرَةِ؟ هَلْ يَذْكُرُ فِيْهَا الأَصْبَغُ شَيْئاً؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

يَقُوْلُ فِيْهَا: بِكَذَا وَكَذَا، فَذَكَرَ مُوَافَقَةَ سَعِيْدٍ وَيَحْيَى، فَقَالَ لِي سَعِيْدٌ: انْظُرْ مَا تَقُوْلُ، أَنْتَ عَلَى يَقِيْنٍ مِنْهَا؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَأْتِنِي بِكِتَابِكَ.


(١) " تاريخ علماء الأندلس " ١ / ٢٧١، و" ترتيب المدارك " ٣ / ٣٧، وجاء بعده فيهما: وزاد في آخره: قال خالد: إقرار أسد بروايتها، ودفعه كتبه إليه لينسخها، هي الاجازة بعينها.