السلام- لتقتله؟ قال عمرو: وغير الله قلبي عما كنت عليه، وقلت في نفسي: عرف هذا الحق العرب والعجم وتخالف أنت؟ قلت: أتشهد أيها الملك بهذا؟ قال: نعم، أشهد به عند الله يا عمرو، فأطعني واتبعه، فوالله إنه لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه، كما ظهر موسى على فرعون. قلت: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال: نعم، فبسط يده فبايعني على الإسلام، ثم دعا بطست، فغسل عني الدم، وكسانى ثيابا، وكانت ثيابي قد امتلأت بالدم فألقيتها.
وخرجت على أصحابي فلما رأوا كسوة النجاشي سروا بذلك، وقالوا: هل أدركت من صاحبك ما أردت؟ فقلت: كرهت أن أكلمه في أول مرة، وقلت: أعود إليه- ففارقتهم، وكأني أعمد لحاجة- فعمدت إلى موضع السفن فأجد سفينة قد شحنت تدفع. فركبت معهم، ودفعوها حتى انتهوا إلى الشعبية، وخرجت من الشعيبة ومعي نفقة، فابتعت بعيرا، فإذا رجلان قد سبقاني بغير كثير، يريدان منزلا، وأحدهما داخل في خيمة، والآخر قائم يمسك الراحلتين.
فنظرت فإذا خالد بن الوليد. فقلت: أبا سليمان؟ قال: نعم. قلت: أين تريد؟ قال: محمدًا، دخل الناس في الإسلام فلم يبق أحد به طعم، والله لو أقمت لأخذ برقابنا كما يؤخذ برقبة الضبع في مغارتها. قلت: وأنا والله قد أردت محمدا وأردت الإسلام. فخرج عثمان بن طلحة، فرحب بي، فنزلنا جميعا ثم ترافقنا إلى المدينة، فما أنسى قول رجل لقينا بدير أبي عنبة يصيح: يا رباح، يا رباح. فتفاءلنا بقوله، وسرنا ثم نظر إلينا، فأسمعه يقول: قد أعطت مكة المقادة بعد هذين. فظننت أنه