للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كِتَاب نَفِيس كَامِل فِي مَعْنَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ الحُفَّاظ أُعجبُوا بِهِ، وَلَمْ يَسْمَعُوهُ لِنُزُولِهِ، فعمدُوا إِلَى أَحَادِيْث الكِتَاب، فسَاقوهَا مِنْ مرويَّاتِهم عَالِيَة بدرجَة وَبِدَرَجَتَيْنِ، وَنَحْو ذَلِكَ، حَتَّى أَتَوا عَلَى الجَمِيْع هَكَذَا، وَسَمَّوهُ: (الْمُسْتَخْرج (١) عَلَى صَحِيْح مُسْلِم) .

فعلَ ذَلِكَ عِدَّة مِنْ فُرْسَان الحَدِيْث، مِنْهُم: أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءَ (٢) ، وَأَبو عَوَانَة يَعْقُوْب


(١) المستخرج: أن يأتي - من يريد تصنيف المستخرج - إلى كتاب البخاري ومسلم، فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه عن غير طريق البخاري أو مسلم فيجتمع إسناد المصنف المستخرج مع إسناد البخاري ومسلم في شيخه أو من فوقه بدرجة أو أكثر.
والمستخرج لا يلتزم في متن الحديث لفظ الكتاب الذي استخرج عليه، بل يروي الألفاظ التي وقعت له عن شيوخه مع الاتفاق في المعنى.
وربما وقعت المخالفة أيضا في المعنى، فلا يجوز أن تعزى متون ألفاظ المستخرجات إلى الكتاب الذي استخرج عليه إلا أن يعرف اتفاقهما في اللفظ، ولذا نرى الحذاق من المحدثين يقولون بعد عزو الحديث لمن أخرجه: وأصله في " الصحيحين ".
فشرط المستخرج ألا يروى حديث البخاري ومسلم عنهما.
بل يروي حديثهما عن غيرهما، وقد يرويه عن شيوخهما، أو أرفع من ذلك ولا بد أن يكون بسند صحيح.
وللمستخرجات فوائد جليلة.
أحدها: أن ما كان فيها من زيادة لفظ أو تتمة لمحذوف أو زيادة شرح في حديث أو نحو ذلك حكم بصحته، لأنها خارجة من مخرج الصحيح.
ثانيها: أنها قد تكون أعلى إسنادا.
ثالثها: قوة الحديث بكثرة طرقه للترجيح عند التعارض.
رابعها: ما يقع فيها من حديث المدلسين بتصريح السماع، وهو في الصحيح بالعنعنة.
خامسها: ما يقع فيها من التصريح بالاسماء المبهمة والمهملة في الصحيح في الإسناد
أو المتن.
سادسها: ما يقع فيها من الفصل للكلام المدرج في الحديث مما ليس من الحديث.
ويكون في الصحيح غير مفصل.
سابعها: ما يقع فيها من الأحاديث المصرح برفعها، وتكون في أصل الصحيح موقوفة أو كصورة الموقوفة.
ثامنها: ما يقع فيها من حديث المختلطين عمن سمع منهم قبل الاختلاط، وهو في الصحيح من حديث من اختلط ولم يبين هل سماع ذلك الحديث فيه في هذه الراوية قبل الاختلاط أو بعدها.
(٢) متوفى سنة ٢٨٦ هـ، مترجم في " تذكرة الحفاظ " ص ٦٨٦.