فلا ينبغي للناقد ان يقلده في السكوت على أحاديثهم، ويتابعه في الاحتجاج بهم، بل طريقه أن ينظر: هل لذلك الحديث متابع يعتضد به، أو هو غريب فيتوقف فيه، لا سيما إن كان مخالفا لرواية من هو أوثق منه، فإنه ينحط إلى قبيل المنكر. وقد يخرج لمن هو أضعف من هؤلاء بكثير، كالحارث بن دحية، وصدقة الدقيقي، وعمرو بن واقد العمري، ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني، وأبي حيان الكلبي، وسليمان بن أرقم، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وأمثالهم من المتروكين، وكذلك ما فيه من الأسانيد المنقطعة، وأحاديث المدلسين بالعنعنة، والاسانيد التي فيها من أبهمت أسماؤهم، فلا يتجه الحكم لاحاديث هؤلاء بالحسن من أجل سكوت أبي داود، لان سكوته تارة يكون اكتفاء بما تقدم من الكلام في ذلك الراوي في نفس كتابه، وتارة يكون لذهول منه، وتارة يكون لظهور شدة ضعف ذلك الراوي واتفاق الأئمة على طرح روايته كأبي الحويرث، ويحيى بن العلاء، وغيرهما، وتارة يكون من اختلاف الرواة عنه، وهو الأكثر، فإن في رواية أبي السحن بن العبد عنه من الكلام على جماعة من الرواة والاسانيد ما ليس في رواية اللؤلؤي. هذا، وقد قال العلامة محمد بن إبراهيم الوزير اليمني، المتوفى سنة (٨٤٠ هـ) ، في كتابه: " تنقيح الانظار ": ١ / ٢٠١: وقد جود الذهبي في شرط أبي داود، في ترجمته من " النبلاء ". ثم ساق كلام الذهبي بتمامه في الكتاب نفسه: ١ / ٢١٦. (٢) تاريخ ابن عساكر: خ: ٧ / ٢٧٣ أ. (٣) وقد دون تلك الاسئلة في كتاب، وهو مطبوع باسم " مسائل الامام أحمد رواية أبي داود ". في مطبعة المنار بمصر (١٣٥٣ هـ) . وقد قدم له العلامة الشيخ محمد رشيد رضا.