للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: لَعَلَّ قَوْلُ أَبِيْهِ فِيْهِ - إِنْ صَحَّ - أَرَادَ الكَذِبَ فِي لَهْجَتِهِ، لاَ فِي الحَدِيْثِ، فَإِنَّهُ حُجَّةٌ فِيمَا يَنْقُلُهُ، أَوْ كَانَ يَكْذِبُ وَيُوَرِّي فِي كَلاَمِهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لاَ يَكْذِبُ أَبَداً، فَهُوَ أَرْعَن، نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ مِنْ عَثْرَةِ الشَّبَابِ، ثُمَّ إِنَّهُ شَاخَ وَارعَوَى، وَلَزِمَ الصِّدْقَ وَالتُّقَى.

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ: كَانَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ زَاهِداً نَاسِكاً، صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَ مَاتَ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ، وَأَكْثَر.

قَالَ: وَمَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَة، وَخَلَّفَ ثَلاَثَةَ بَنِيْن: عَبْدَ الأَعْلَى، وَمُحَمَّداً، وَأَبَا مَعْمَرٍ عُبَيْدَ اللهِ، وَخَمْسَ بَنَاتٍ، وَعَاشَ سَبْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَصُلِّي عَلَيْهِ ثَمَانِيْنَ مَرَّةً.

نَقَلَ هَذَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (١) .

قَالَ المُحَدِّثُ؛ يُوْسُفُ بنُ الحَسَنِ التَّفَكُّرِي: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَلِيِّ بنِ بُنْدَارٍ الزِّنْجَانِيَّ قَالَ:

كَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ يَمْتَنِعُ عَلَى المُرْد مِنَ التَّحْدِيْثِ تَوَرُّعاً، وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ يَسْمَعُ مِنْهُ، وَكَانَ لَهُ ابْنٌ أَمْرَدُ، فَاحتَالَ بِأَنْ شَدَّ عَلَى وَجْهِهِ قِطْعَةً مِنْ شَعْرٍ، ثُمَّ أَحْضَرَهُ، وَسَمِعَ، فَأُخْبِرَ الشَّيْخُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: أَمِثْلِي يُعمَلُ مَعَهُ هَذَا؟

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لاَ تُنكر عَلِيّ، وَاجْمَع ابْني مَعَ شُيُوْخِ الرُّوَاةِ، فَإِنْ لَمْ يُقَاوِمْهُم بِمَعْرِفتِهِ فَاحرِمْهُ السَّمَاعَ (٢) .

إسنَادُهَا مُنْقَطِعٌ.

قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ الدَّاهرِيّ يَقُوْلُ:


(١) تاريخ بغداد: ٩ / ٤٦٨.
(٢) تقدم الخبر في الصفحة: (٢٢٦ - ٢٢٧) . فانظره هناك.