وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال، عن أبي إسحاق المروزي، عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: " أراد ان لا يحرج أمته " فلم يعلله بمرض ولا غيره. (١) وقد انتقد الذهبي - رحمه الله - في أكثر من ترجمة في كتابه " ميزان الاعتدال " تصحيح الترمذي، أو تحسينه، وبين أنه لا يعتمد قوله في ذلك إذا انفرد، وفي الحديث علة تمنع من القول بصحته. فقد قال في ترجمة كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف المزني - ٣ / ٤٠٧ -: قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الشافعي وأبو داود: ركن من أركان الكذب، وضرب أحمد على حديثه، وقال الدارقطني وغيره: متروك. وقال أبو حاتم: ليس بالمتين. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال مطرف بن عبد الله المدني: رأيته، وكان كثير الخصومة، لم يكن أحد من أصحابنا يأخذ عنه ... وأما الترمذي: فروى من حديثه: " الصلح جائز بين المسلمين " وصححه. فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي. وقال في ترجمة يحيى بن يمان: ٤ / ٤١٦، بعد ذكر حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا، فأسرج له سراج،: حسنه الترمذي مع ضعف ثلاثة فيه، فلا يعتد بتحسين الترمذي، فعند المحاققة غالبها ضعاف ". وقال في ترجمة محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني الكوفي: ٣ / ٥١٤: قال ابن معين: قد سمعنا منه، ولم يكن بثقة، وقال مرة: كان يكذب وقال أحمد: ما أراه يسوى شيئا، وقال النسائي: متروك. وقال أبو داود: ضعيف، وقال مرة: كذاب. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ... ثم قال، بعد ذكر حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا: يقول الله: من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته افضل ثواب الشاكرين: حسنه الترمذي، فلم يحسن. وقال ابن رجب في " شرح العلل ": ١ / ٣٩٥: واعلم ان الترمذي - رحمه الله - خرج في كتابه الحديث الصحيح، والحديث الحسن - وهو ما نزل عن درجة الصحيح وكان فيه بعض ضعف - والحديث الغريب ... والغرائب التي خرجها، فيها بعض الكبائر، ولا سيما في كتاب الفضائل، ولكنه يبين ذلك غالبا، ولا يسكت عنه، ولا أعلمه خرج عن متهم بالكذب، متفق على اتهامه حديثا بإسناد منفرد، إلا أنه قد يخرج حديثا، مرويا من طرق، أو مختلفا في إسناده =