للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيْقِهِ (صِفَةُ المُنَافِقِ (١)) عَالِياً.

قَالَ الخَطِيْبُ (٢) :جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ قَاضِي الدِّيْنَوَرِ كَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَمِنْ أَهْلِ المَعْرِفَةِ وَالفَهْمِ، طَوَّفَ شَرْقاً وَغَرْباً، وَلَقِيَ الأَعْلاَمَ.

وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الزَّيَّاتِ، قَالَ: لَمَّا وَرَدَ الفِرْيَابِيُّ إِلَى بَغْدَادَ، اسْتُقْبِلَ بِالطَّيَّارَاتِ (٣) ، وَالزَّبَازِبِ، وَوُعِدَ لَهُ النَّاسُ إِلَى شَارِعِ المَنَارِ لِيَسْمَعُوا مِنْهُ.

قَالَ: فَحَضَرَ مَنْ حُزِرُوا، فَقِيْلَ: كَانُوا نَحْوَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَكَانَ المُسْتَمْلُوْنَ ثَلاَثَ مائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ نَفْساً.

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَافِ: سَمِعْتُ الفِرْيَابِيَّ يَقُوْلُ:

كُلُّ مَنْ لَقِيْتُهُ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إِلاَّ مِنْ لَفْظِهِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ شَيْخَيْنِ: أَبِي مُصْعَبٍ فَإِنَّهُ ثَقُلَ لِسَانُهُ، وَالمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ بِالمَوْصِلِ، وَكَتَبْتُ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

قَالَ أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ: لَمَّا سَمِعْتُ مِنَ الفِرْيَابِيِّ، كَانَ فِي مَجْلِسِهِ مِنْ أَصْحَابِ المَحَابِرِ مَنْ يَكْتُبَ حُدُوْدَ عَشْرَةِ آلاَفِ إِنْسَانٍ، مَا بَقِيَ مِنْهُم غَيْرِي، هَذَا سِوَى مَنْ لاَ يَكْتُبُ.

ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي.

قُلْتُ: سَمَاعُهُ مِنْهُ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: كُنَّا نَشْهَدُ مَجْلِسَ جَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَفِيْهِ عَشْرَةُ آلاَفٍ، أَوْ أَكْثَرُ.


(١) اسم الكتاب " صفة النفاق وذم المنافقين " وهو مطبوع.
(٢) في " تاريخه " ٧ / ٢٠٠ ١٩٩.
(٣) كذا الأصل، وهي كذلك في " تاريخ بغداد " ٧ / ٢٠١، أما في " تذكرة الحفاظ " فلفظه: " بالطبارات ".
والطيارات والزباب: ضرب من السفن. انظر الحاشية رقم (١) من الصفحة (٥٣) من هذا الجزء.