للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عوائق في طريق المرأة القدوة]

الفقرة الأخيرة بعض العوائق في طريق المرأة القدوة، وأحب أن أنبه إلى أن أكثر هذه العوائق تتعلق بالرجال، فإننا قد ذكرنا إعانة المرأة للرجل وأثرها، ولعل إعانة الرجل للمرأة أبلغ أثراً وأعظم في حصول المقصود، فمن هذه العوائق أولاً: الإهمال من الرجال، فالرجل إذا أهمل تربية بناته ونصح زوجته أو زوجاته، وإذا أهمل إعطاءهم جزءاً من وقته وشيئاً من علمه وبعضاً من خبرته وجهده ومشاركة في همه وأحوال وهموم المسلمين فإن ذلك يكون عاملاً من عوامل التثبيط والممانعة، وعدم حصول نموذج المرأة القدوة الذي نطمح إليه وذكرنا بعض مجالاته وميادينه، فهذا عائق مهم من العوائق.

الجانب الثاني: الإهمال بصورة عامة، فنحن نرى أن ميادين كثيرة تسهل وتيسر ويعتني بها ويبذل فيها الجهد فيما يختص بالرجال والذكور، ولا تحظى بمثل ذلك الاهتمام في مجال النساء، فدروس العلم ومحاضرات التوعية وكتب الثقافة وغير ذلك من المجالات نجد أن الغالب الأعم والجزء الأكبر يُعنى بجانب الرجال والشباب والذكور أكثر من عنايته بجانب النساء والمرأة والبنت، رغم خطورة هذا الشر كما أشرت في أول الموضوع، فالحق أنه ينبغي أن تزاد الجهود والمحاضن التربوية والتعليمية التي تحتضن الفتيات والنساء، فنحن عندنا المساجد للشباب أو للذكور وهناك ميادين ومحاضن كثيرة، بينما لا يوجد مثل ذلك بالقدر الذي يكفي ويعين ويكمل نفس الجوانب بالنسبة للنساء، وهذا أيضاً عائق من العوائق وباب من الأبواب التي تكون سبباً في التعثر في الوصول إلى القدوة.

الجانب الثالث: المعارضة الجاهلة، فإن بعض الرجال مع أنه قد أهمل في أول الأمر ولم يقدم شيئاً، وإذا كانت زوجته أو ابنته تريد أن تقوم بأمر أو تستفيد من مجال من المجالات لا يكفي أنه لم يقدم شيئاً، بل يأتي ويكون عائقاً وعقبةً من دونما حجة شرعية، أو من غيرما عذر وسبب شرعي، فلو لم يكن هو معلماً لزوجته فأرادت أن تتعلم كتاباً أو تحفظ شيئاً منه -والأمر ميسور، وليس هناك حرج شرعي ولا محذورات، كما هو الحاصل في بيئتنا بحمد الله عز وجل، فرص كثيرة ومجالات عديدة ليس فيها اختلاط ولا تبرج ولا محاذير شرعية- تجده يمنع دون أي حجة، بل عنده بعض الأوهام والأغاليط التي ربما يظنها من الإسلام أو ينسبها للإسلام وليست من الإسلام في شيء.

فهذه أبواب -أيضاً- يحصل من ورائها منع وإيقاف لكثير من الخير الذي يمكن أن يكتسب للنساء وللفتيات والأمهات بشكل عام، فينبغي أن يكون هناك التعاون والإيجابية لا المعارضة، فإن بعض الناس يشدد بما ليس في الإسلام، ويأتي بأمور من الأعراف والعادات أو من غيرته هو أو من حرصه هو ويريد أن يجعلها من الإسلام، وليست هي من الإسلام، فينبغي أن نتخلص منها، وقد رأينا -فيما سلف من حديثنا- أن المرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتحدثت إليه في حضور الرجال، وسألته سؤالها وطلبت طلبها، ولم يكن في ذلك حرج ولا مانع شرعي، وإلا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم.

ولو اقتضى أمر من الأمور فيما فيه مصلحة ومنفعة وليس فيه محذور شرعي فينبغي أن لا تكون هناك العقبات والعوائق، إلا عندما يكون هناك أمران: إما محذور شرعي بين وواضح، وإما مصلحة ضرورية للأسرة أو لربها فيما يتعلق بهذا الجانب والشأن، فينبغي أن يكون هناك التعاون لأجل هذا الأمر، والمنفعة في آخر الأمر تعود إلينا جميعاً، فلو تعلمت زوجتك لعلمت أبناءها، ولو حفظت شيئاً من كتاب ربها لكان لذلك أثره في أبنائها، ولو استقامت وصلحت وتوجهت وتوعت لكان لذلك أثره عليك وعلى بيتك وأسرتك، فينبغي أن يكون هناك مثل هذا التعاون.

نسأل الله عز وجل أن يصلح نساءنا وبناتنا وشبابنا وشاباتنا، وأن يعصمنا من الفتن، وأن يقينا من الانحرافات، وأن يجعل مجتمعاتنا نظيفة طاهرة، وأن يجعلنا مؤتسين بالنبي صلى الله عليه وسلم، متبعين لسير أسلافنا من الرجال والنساء الصالحين والصالحات؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.