أنتقل إلى صورة أختم بها بين أبي بكر رضي الله عنه وربيعة بن كعب رضي الله عنه: كان ربيعة شاباً صغير السن، وهو الذي كان يصب للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءه في الليل، وينام عند بيوته، وهو الذي قال له عليه الصلاة والسلام:(سلني ما شئت؟ قال: أسألك مرافقتك في الجنة؟ قال: أعني على نفسك بكثرة السجود).
فتزوج وكان له مال، يقول: فاختلفت أنا وأبو بكر على نخلة في حائط، قال: فاختصمنا وعلت أصواتنا، قال: فانصرف أبو بكر رضي الله عنه، وتوجه إلى المسجد، فانطلقت في أثره أجري، فلقيني بعض قومي، قالوا: ما لك؟ قلت: كذا وكذا، قالوا: فإن الحق لك، فما لك تركض وراءه؟ قلت: ويحكم! يغضب أبو بكر، فيغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لغضبه، فيغضب الله لغضبهما فأهلك.
كان يريد أن يدرك أبا بكر قبل أن يصل إلى الشكوى فيستسمح منه ويعتذر، ويرأب الصدع، وكذلكم كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت السماحة والتنازل والوفاء بمثل هذه الأحوال، وحسن العشرة، والقصد الأعظم بقاء الألفة والأخوة والمحبة.
نسأل الله عز وجل أن يملأ قلوبنا بالحب لإخواننا، والمودة لهم، وصدق الوفاء بوعودهم وعهودهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.