[المرأة بين المفهوم الإسلامي والمفهوم الغربي]
ووقفة هنا نذكر فيها من أرجف في هذه المسألة بقول أو فعل أو دفاع، ولست أنقل هنا آيات وأحاديث في شأن الحجاب وغيره من الأدلة، فنحن في غنية عن ذلك؛ لأن الأدلة الظاهرة الواضحة لا تحتاج إلى مثل هذا التفصيل، ودائرة الاختلاف الفقهي المعتبر واضحة معلومة، وما وراءها من المحرمات التي لا يشك في تحريمها ظاهرة، ولكني أنقل لك بلسان أعجمي غير مبين، ومن كلام أهل الكفر الذين ربما جعل بعضنا بعضهم قدوة لهم، وفي المسألة ذاتها.
فهذا كاتب أمريكي شهير يكتب مقالة يقول فيها: على حائط مكتبي صورتان: الأولى: صورة امرأة مسلمة تلبس البرقع، وبجانبها صورة متسابقة جمال أمريكية لا تلبس شيئاً سوى ما يستر العورة المغلظة.
ثم بدأ يتحدث عن الصورتين -حتى لا نشك في أنه مسلم أو أنه تأثر وتسمم فكره بما عند المسلمين من هذه الأفكار- يقول: لست خبيراً في شئون النساء المسلمات، وأحب الجمال النسائي كثيراً، مما لا يدعوني للدفاع عن البرقع هنا، لكني أدافع عن بعض من القيم التي يمثلها البرقع لي.
يقول: بالنسبة لي يمثل البرقع تكريس المرأة نفسها لزوجها وعائلتها، هم فقط يرونها، وذلك تأكيد لخصوصيتها.
تركيز المرأة ذات الصورة منصب على بيتها وعشها حيث يولد أطفالها وتتم تربيتهم، فهي الصانعة المحلية، هي الجذر الذي يبقي على الحياة، وروح العائلة، فهي تربي وتدرب أطفالها وتمد يد العون لزوجها، وتكون ملجأً له.
إنه يرى في هذا بعضاً من وجوه الإيجابية في نظره، ويصرح بها، والعقلاء من أهل الإسلام يعرفون حقيقتها.
يقول: إن هذا يمثل خصوصية العائلة، يمثل رعاية الزوج، يمثل تربية الأبناء.
ويزداد الأمر إيضاحاً عندما ينتقل إلى الصورة الأخرى من بنت بلده وبنات جنسه اللائي يراهن صباح مساء في واقعه.
يقول عن الأخرى: تختال عارية تقريباً أمام الملايين على شاشات التلفاز، وهي ملك للعامة، تسوق جسمها إلى المزايد الأعلى سعراً، وتبيع نفسها في المزاد العلني كل يوم.
في أمريكا المقياس الثقافي لقيمة المرأة هو جاذبيتها، هي تشغل نفسها وتهلك بظهورها، تتعلم لتكون محبوبةً إذا مارست الجنس، تحرير المرأة خدعة من خدع النظام العالمي الجديد، خدعة قاسية أغوت النساء الأمريكيات، وخربت الحضارة الغربية.
لو قال هذا مثلي أو مثلك -أخي القارئ- لوصف بأنه متحجر الفكر، إرهابي النظرة، ضيق الأفق، سقيم العقل، فكيف وهذا كاتب مشهور اسمه هنري ماكود.
ويقول آخر في تحقيق أجراه في بعض مناطق السعودية في صحيفة سائرة شهيرة، جاء وعنده خلفياته عن الحجاب، وعن المرأة المكبلة الغبية التي تكون في البيت أدنى من الخادمة وأحقر من الحيوان كما يصور له ذلك الإعلام في بلده، جاء ليقول: لغز الحجاب الذي يثير حفيظة الغرب غير مطروح التساؤل هنا في السعودية، الحجاب لم يقف حائلاً أمام تطور المرأة هنا، فالسعوديات مؤهلات للتعامل مع أحدث برامج الحاسوب والإدارة ونظريات التعليم، بل إن القطاع الواسع من النساء السعوديات المتعلمات يدافعن عن الحجاب كمنظومة تحكم علاقة المرأة بالرجل في إطار أوسع.
ثم يقول وتأمل معي كلام من ليس على ديننا- يقول: وبالرغم من انفصال التعليم بين الطلاب والطالبات فإن تعليم البنات يخرج آلاف الطالبات الحاصلات على شهادات جامعية، بل إن بعض النساء يدرن أعمالهن الخاصة بأنفسهن.
ثم في تحقيقه يسأل امرأة أمريكية عاشت هنا عقداً طويلاً من الزمان، فتقول له: إن النظرة الغربية والتأطير السلبي الذي يحيط بحجاب المرأة المسلمة غير صحيح، أعتقد أن المرأة هنا تأخذ دورها الطبيعي، ودون ضجة أو تغييرات حادة شبيهة بتلك التي تحدث في الدول الغربية وأمريكا.
ثم يسأل في تحقيقه بعض النساء المتعلمات المتحضرات من بنات بلدنا فتقول: نحن نعتقد أننا نعرف عنكم وعن الأخلاق المتفشية بينكم إلى الحد الذي يجعلني أقول: لو سألتني: هل أريد هذه الحرية الغربية فإن إجابتي ستكون في ثلاث كلمات: لا ثم لا ثم لا.
إن الدين هو الذي يملي، هو الذي يضبط، وهو الذي يحكم تصرف الإنسان، ومن كان مخلصاً في دينه التزم الضبط الذي يحرك مساره.
ثم يقول الكاتب بعد خلاصة تحقيقه: النساء هنا يشعرن أن النظام الأخلاقي الإسلامي يحفظ للمرأة كرامتها من التعرض للمشاهد التي تخدش الحياء.
وينقل عن سيدة متعلمة قولها هنا: لا مظاهر فاحشة، ولا اختلاط بين المرأة الأجنبية والرجل إلا في أضيق نطاق، نحن سعيدات بهذا بلا شك.
وهذا -كما قلت- نحن في غنىً عنه، لكنا نرسله لمن يقولون بغير هذا، ويوم أن تحدثت امرأة حاسرة عن شعرها أمام مجمع من الرجال وصف خطابها وكلامها بأنه خطاب تاريخي، ولست أدري أين هي العقول التي يقولون: إنها كبيرة؟! هل هذه التي تجعل كلمات من امرأة في حدث عارض هامشي خطاباً تاريخياً أو غير ذلك؟! وانظر -أيضاً- إلى خلاصة لكاتب كتب يقول: (كل مولود يولد على الفطرة.
أي: والفطرة هي السليقة بطبيعتها، فلو ذهبت إلى الغابة ورأيت الحيوانات لرأيت الاختلاط فطرة طبيعية فيما بينها، ليس هناك غابة للإناث وغابة للذكور.
ثم ينتقل ليقول: إن الإنسان كرمه الله عز وجل بالعقل: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء:٧٠]، فيختلف الإنسان عن الحيوان في أن الفطرة واحدة في الاختلاط، ولكن عقل الإنسان يجعله منضبطاً؛ لأن الإنسان حيوان بهيمي بطبيعته، فهو لذلك على الفطرة ينبغي أن يكون مختلطاً رجاله ونساؤه، ثم العقل بعد ذلك يضبط هذه الغرائز ويحكمها.
وهذا القائل دكتور أكاديمي وأستاذ جامعي.
ثم يقولون عنكم -معاشر المحبين للدين الملتزمين به الناطقين بحججه من الآيات والقرآن-: إن عقولكم صغيرة وإن حججكم واهية.