ومن الأمور المعينة على ترك الذنوب والمعاصي وهو أمر مهم: تحطيم أدوات المعاصي؛ لئلا تنزع النفس إليها مرة أخرى، وهذا أمر معروف، فإن تصور الشيء من أعظم ما يجعل في النفس وجوده وشخوصه، ولذلك فإن الذي يجعل الناس يقعون في المعاصي اليوم هو أنهم يرونها بأعينهم، ويسمعونها بآذانهم، فإن شخوصها ووجودها وأمثلتها قد تسلبهم قوتهم في الممانعة وعصمتهم في المدافعة فيقعون فيها، فلذلك هذه الأصنام ينبغي أن تحطم، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يعلم من أصحابه أنهم مؤمنون موحدون، وكان أول عمل عمله عندما دخل مكة أن ضرب هذه الأصنام وأسقطها وقال:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}[الإسراء:٨١]؛ لئلا تبقى هناك أصنام ينظر إليها، حتى لا يتعلق بها، ولا يفكر فيها، ولا تخطر ببال مطلقاً؛ ولذلك نهي عن تلك الصور العظيمة للصالحين؛ حيث أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنها كانت أولاً على هذا النحو، ثم داخلها بعد ذلك التعظيم، ثم نصبت أصناماً، ثم عبدت من دون الله سبحانه وتعالى! فكلما وجدت صورة المعصية وآلتها كلما كان ذلك مانعاً أو حائلاً من استمرار التوبة والبعد عن المعاصي، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى:{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}[الفرقان:٤٣] فهذا الإله إذا وجد وجد معه الهوى إليه والحب له، ولذلك يجب أن يكون الحال كما قال أحد الكتاب: فمطرب يحطم آلات الطرب، ورسام يمزق اللوحات، ومراهق يحرق المجلات والصور الداعرة، ومدمن يكسر زجاجات الخمر ويحرق المخدرات، ومراب يسحب أموال الربا ليفرقها، ومتبرجة تحرق ثيابها كلها -أي: ثياب التبرج- صور تتكرر لما كان من فعل إبراهيم عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم في تحطيم هذه الأصنام، ولذلك لابد من مثل هذا.