وأول هذه الشرائط والأسباب: العلم بما ينصح به: فلا ينبغي أن تتقدم بنصح في أمر لا تعلمه، ولا تعرف فيه حكم الله، وليس لك اطلاع فيه على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن النصيحة أمر بمعروف، ونهي عن منكر، وإنها دعوة إلى الله لابد فيها من علم وفهم وإدراك:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}[محمد:١٩]، قدم العلم على ما ينبني عليه بعد ذلك من العمل.
ويقول الحق جل وعلا:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[يوسف:١٠٨](على بصيرة) أي: على علم وبينة ومعرفة تامة وواضحة.
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل:١٢٥] والحكمة: وضع الشيء في موضعه، ولا يمكن أن تضعه في موضعه ما لم تكن به عالماً، وبالأحوال والظروف المحيطة مدركاً، وذلك ما ينبغي أن يكون.
ومن فقه أئمتنا أنهم نبهوا على أهمية العلم قبل العمل، وقبل النصح والإرشاد الذي لابد أن يكون قوامه ذلك العلم، فمما أثر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال: العامل بغير علم يفسد أكثر مما يصلح.
وهذا أمر بين نحتاج إليه، وكم من صور سنعرض لها يتقدم فيها من ينصح وهو ينصح بالباطل! وينصح بما يخالف النفع والفائدة المبنية على أساس الشريعة الإسلامية.