[الفائدة التاسعة: معرفة الحركة العلمية في كل عصر ومصر]
إن معرفة الحركة العلمية في كل عصر ومصر من أعظم وأجل الفوائد التي يخرج بها المطَّلع على التاريخ؛ لأن في كل زمان يؤرخ لأعلامه العلماء والمذاهب التي وجدت فيه، والكتب التي صنفت، والمسائل التي بحثت، والمناظرات التي وقعت، وإذا بك تعرف نشأة العلوم والعلماء البارزين في كل علم من العلوم، والإضافات التي وجدت في هذه العلوم، حتى أرخوا أول من أدخل: سنن النسائي إلى بلاد المغرب، وأول من أدخل كتاب كذا إلى بلاد المشرق، من الذي كان يرصد مثل هذه الأمور؟ إنها كتب التاريخ، فقد كانت ترصدها رصداً عجيباً، وتجد في التاريخ فوائد من أمتع وأنفع وأروع ما يمكن، وتجد كذلك أيضاً ما يتعلق بالتاريخ الفكري والعلمي للمذاهب، حتى المذاهب المنحرفة.
فالتاريخ ذكر متى حصل التشيع، وما ظروفه وملابساته، ومن أول من قعَّد له، ومن أول من صنف فيه، وما الدول التي ناصرته، على سبيل المثال: دولة البويهيين لما استولت على الخلافة في بغداد في الثلث الأول من القرن الرابع ناصروا التشيع والرفض، حتى كتبت مسبة الصحابة على محاريب المساجد في بغداد وغيرها.
وهكذا أيضاً: دولة الفاطميين العبيديين الرافضة الذين وصفهم الذهبي في سير أعلام النبلاء بقوله: الدولة الفاطمية الرافضية العبيدية اليهودية، وارجعوا إلى سير أعلام النبلاء؛ لتجدوا حقيقة هذه الدولة الرافضية الخبيثة.
إذاً: نعرف بواسطة التاريخ هذه الحركات والمذاهب، وتاريخها، وكتبها، وأول ما بدأت مثل هذه الأمور، وهذه فوائد عديدة ومهمة جداً.