[مقدمة عن أهمية التخطيط والإعداد والعزم والتجديد والابتكار في الحياة]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيد الأولين والآخرين، إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمدنا بواسع رحمته، وأن يجعل مجلسنا هذا تحفه ملائكته، وأن يبلغنا وإياكم رمضان، وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام، وأن يوفقنا لطاعته ومرضاته إنه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه.
رقم هذا الدرس في سلسلة الدروس العامة (١٨١) وعنوانه: مشروعات رمضانية.
ومناسبة انعقاده في يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر شعبان عام (١٤٢٤هـ) حيث لا يفصل بيننا وبين الشهر الكريم إلا أيام قلائل.
وموضوعنا هذا أحبتي الكرام! موضوع عملي وليس نظرياً، فكل ما سنذكره من المشروعات مقترحات وأفكار لأعمال يمكن لكل واحد منا أن يقوم بها، ولعلي من البداية أقترح عليكم أن تخرجوا أقلامكم وشيئاً من أوراقكم لتدونوا هذه الأفكار آملاً في أن تتحول إلى واقع عملي.
أولاً: أهمية التخطيط والإعداد، كل موسم وكل عمل في أمورنا الحياتية نخطط له ونستعد له قبل بدايته، وقريباً بدأ موسم الدراسة، وجميع الحاضرين بلا استثناء كانوا يفكرون فيه ويعدون له، وأبناؤهم يطلبون منهم ويركبون معهم حتى يتهيئوا لهذا الموسم قدوماً إن كانوا مسافرين، وسكوناً واطمئناناً إن كانوا متحركين، وشراءً للاحتياجات الناقصة، ومتابعة للأمور اللازمة ونحو ذلك، ورمضان أولى بذلك وأجدر، فهو زائر كريم ووافد عظيم، وضيف عزيز، كيف بنا لا نتهيأ ولا نخطط لاستقباله.
ثانياً: أهمية العزم والمعاهدة، ما تقوله الآن وتعزم عليه لا يكون له أثر لو أنك لم تفكر فيه ولم يرد ببالك، وإذا حولت هذا العزم إلى معاهدة بينك وبين أهلك أو بينك وبين زملاء العمل أو بينك وبين أهل حيك، فإن هذا يرتقي إلى أن يكون أمراً نتوقع أن يتحقق بنسبة كبيرة، مع الانتباه لقضية مهمة، وهي أن هذه المشروعات وغيرها من أعمال البر والجد إلى حد ما تعتبر سباحة ضد التيار، لأن التيار في الغالب يميل إلى الكسل وينشغل بالتفاهة، لا يأخذ الأمور الإيمانية والعبادية على المحمل المطلوب، ولا يعنى بأمور الأمة وشئونها على الوجه اللائق، فلذلك كانت الظروف لا تساعد، فإن لم يكن عزم منك ومعاهدة مع غيرك ربما تتبدد هذه الأفكار وتتبخر دون أن تترجم إلى واقع عملي.
ثالثاً: أهمية التجديد والابتكار، ونحن نعلم أن عباداتنا وفرائضنا جاء بها الوحي والشرع، وليست من بنات أفكارنا ولا نتاج عقولنا، ولن نجدد الصيام فنبتكر فيه أو نغير، ولكنا نقول: كيف نجدد في طريقة اغتنامنا للأوقات، وتعاملنا مع هذا الموسم؟! كيف نحول بعض عاداتنا السيئة ونجدد فيما يجعلنا أكثر استعداداً وقوة في التفاعل والانتفاع من هذا الموسم العبادي والإيماني؟ وأذكر لكم مثالاً: فوسائل الإعلام كلها تجدد في كل عام، وهي تجدد في ميدانها الذي يغلب عليه في أكثر قنواته الفساد والإفساد، فنحن نعرف أنه هناك باستمرار -كما يقولون- فوازير أو ألغاز أو ألعاب أو برامج أو نحو ذلك، وكل مرة يجددون، لماذا؟ حتى يكسبوا الجميع معهم، ونحن أولى بمثل هذا.