[فضل الشهادة في سبيل الله على الموت في اللهو والعبث]
وأخيراً: مسألة أحب أن أنوه بها، وهو الموت وفجأته.
يقولون كما قال أهل الكفر: لم تغامرون؟ لم تعرضون أنفسكم للخطر؟ لم تجاهدون في سبيل الله وقد تموتون وتقتلون؟ لم تفعلون هذا وذاك؟ فجأة الموت كما بينها الحق سبحانه وتعالى في نداء لأهل الإيمان لئلا يكونوا كغيرهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِ وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإٍلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران:١٥٦ - ١٥٨].
كم هم الذين يقولون لنا مرة إثر مرة: لم يعرض أولئك الناس أنفسهم للموت والقتل؟ ونسوا قول الله عز وجل: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران:١٥٤] أولئك قوم لم يذهبوا لقتال ولا جهاد ولا يعرفونه ولا يخطر ببالهم، ذهبوا إلى الشواطئ لكي يسبحوا ويلهوا ويلعبوا ويعبثوا، فجاءهم الموت إلى ديارهم، وبعضهم قادم من مسافات هائلة تاركاً وراءه أرضه ودياره.
فهذا خالد بن الوليد الذي لقي الموت مئات من المرات في ساحات الجهاد، ومات على فراشه وهو يقول: ما في جسمي موضع شبر إلا وفيه طعنة سيف أو ضربة رمح، وهاأنا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء.
تحية للأبطال الشهداء، وللمقاومين المجاهدين للأعداء في كل مكان، ولئن قتلتم أو متم فإن ذلك فيه مغفرة ورحمة خير من الدنيا وما فيها، وليخسأ الذين ما زالوا يعيشون في ذنوبهم خوفاً ورعباً، ويعظمون قوة غير الله عز وجل، حتى كان منهم ما كان.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يأخذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وأن يلهمنا الرشد والصواب.
اللهم إنا نسألك أن تنطق ألسنتنا بذكرك، وأن تملأ قلوبنا بحبك، وأن تسخر جوارحنا في طاعتك، وأن تسخرنا في نصرة دينك، وأن تجعلنا ممن ينصر الإسلام والمسلمين.
اللهم ارحم إخواننا المستضعفين في كل مكان يا رب العالمين! اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين، اللهم اجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء! اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين.
اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم خالف بين كلماتهم، واستأصل شأفتهم، ودمر قوتهم، ورد كيدهم في نحرهم، واشغلهم بأنفسهم، واجعل بأسهم بينهم، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، واشف صدور قوم مؤمنين عاجلاً غير آجل يا رب العالمين! اللهم سلط عليهم جند السماوات والأرض يا رب العالمين، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تبلغهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم آية يا قوي يا عزيز يا متين! يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا، اللهم وفقنا للصالحات، واصرف عنا الشرور والسيئات، واغفر لنا ما مضى وما هو آت.
اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين! اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم اصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] وترضوا على الصحابة الكرام، وأخص منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي أبا بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.