للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التربية والتهيئة]

أختم بقضية مهمة وهي: التربية والتهيئة، فإن التربية في المنزل والمدرسة والشارع إن كانت على المنهج الصحيح؛ وقتنا -بإذن الله- الكثير من الشرور، وكانت على مبدأ: الوقاية خير من العلاج، فلو تركنا أبناءنا: لا نعلمهم، لا نربيهم، لا نلفت نظرهم إلى الأخطاء، لا نحذرهم من المشكلات، ثم ذهبوا إلى دور العلم فلم يجدوا من المعلمين توجيهاً وتنبيهاً وتذكيراً، ولفت نظر وعلاج أخطاء كما ينبغي، ثم خرجوا إلى المجتمع، فلم يجدوا من وسائل الإعلام أو من الدعاة والعلماء القدر الكافي الذي يوجه ويرشد ويبين الأخطاء ويوضح المعالم؛ فحينئذ يحصل بعض ما يقع من التفريط والغلو والتطرف، وقد أسلفنا القول فيه من قبل.

ينبغي لنا أن نتحدث بصوت هادئ، فإن الجعجعة والصراخ لا تنفع في هذه الأحوال، وإننا ينبغي لنا أن نتحدث بمنهج سليم سديد، فإن الهيشات والمهاترات لا تنفع، وينبغي لنا ألا نتعجل وألا نجعل هناك شيئاً من الافتراق والتباعد، فلا ينبغي أن نتكلم عن هذا أو ذاك بأنه مخالف للشرع، وبأنه يريد مصادرة الدين، وبأنه يريد كذا وكذا، ولا ينبغي هذا لمن يعتلي المنبر أو يتكلم في الوعظ والإرشاد، كما لا ينبغي للآخرين أن يقولوا عن كل ملتزم أو متدين: إنه مخطئ في كذا، وإنه يقصد كذا، حتى كأن الناس شقوا عن القلوب والنوايا، بل ينبغي لنا أن ندرك عظمة الخطر، وأهمية الاتحاد، ومرجعية الشرع، وينبغي لنا أن ندرك أن مزية هذه البلاد أولاً وآخراً هي قيامها على الإسلام، وتحالف الدولة مع الدعوة، وأن أمر الاستهداف أعظمه وأكثره على ديننا، فلا ينبغي أن يكون منا جميعاً بغي، لا من هذا ولا من ذاك، وألا نصنف الناس فريقين، وأن نقول: أهل المنابر وأهل المحابر، ونجعل هناك أموراً تثار فيها البلابل، ينبغي لكل مسلم -وكلنا مسلمون في أصل إيماننا واعتقادنا- أن يكون مخلصاً لله، وما ذكرته ينطبق على جميع الناس، لا يستثنى منه أحد، ولا يظنن أحد كذلك أن العالم أو الداعي مبرأ من النقص أو منزه عن الخطأ، بل هو إنما يستمد قوة نهجه أو صواب رأيه من أصل كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما اللذان لا يأتيهما الباطل من بين يديهما ولا من خلفهما، وهما عصمة كل معتصم، ونجاة كل راغب في النجاة بإذن الله.

نسأل الله عز وجل أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يبصرنا بكتاب ربنا، وأن يعلمنا هدي رسولنا، اللهم اجعلنا بكتابك مستمسكين، ولهدي رسولك صلى الله عليه وسلم متبعين، ولآثار السلف الصالح مقتفين، وللحرص على أخوتنا ووحدتنا عاملين.

نسألك اللهم أن ترد عنا كيد الكائدين، وأن تدفع شرور المعتدين، وأن تصد فتنة الفاتنين، وأن تعيد وتبقي وتقر في هذه البلاد الأمن والأمان، والسلامة والإسلام، والهدى والتقى، وأن تجعلها أبداً مناراً للإسلام والمسلمين والدعوة إليه، والتبشير به والدفاع عنه في كل الأحوال والعوارض.

ونسألك اللهم أن تجنب الإسلام والمسلمين عداء المعتدين وعدوان الغاصبين.

نسألك اللهم أن تبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيها أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء! اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك المخلصين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، وأخرجنا من الظلمات إلى النور يا رب العالمين.

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا، اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن تهديهم وتوفقهم لما تحب وترضى، وأن تصرف عنا ما لا تحب وترضى.

اللهم يا حي يا قيوم يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميرا ًعليه يا سميع الدعاء! اللهم الطف بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين والمبعدين والأسرى والمسجونين في كل مكان يا رب العالمين، امسح اللهم عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء! اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين، أفرغ اللهم في قلوبهم الصبر واليقين، وثبتهم في مواجهة المعتدين برحمتك وقوتك وعزتك يا رب العالمين.

اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، واصرف اللهم عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمرنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، ووفق اللهم ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي؛ أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، {وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥].