للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التحذير من العرب الموالين لأعداء الإسلام]

أنتقل إلى طائفة أخرى، وقد تعجبون هل بقيت هناك طوائف؟ ما سأذكره من بقية الطوائف إنما هو بعضها لا كلها: طائفة من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، وقد أشرت مراراً إلى بعض أحوالهم، وكثير من فعالهم، وهم يشكلون حربة تطعن الأمة في ظهرها، وتطعنها في خاصرتها، وتجوس خلال ديارها، وتبث عوامل الضعف والانحلال من داخلها، إنهم أولئك الذين يرددون أقوال المعتدين الذين يواجهون الإسلام والمسلمين، ويبشروننا بمقالاتهم، ويؤكدون علينا صدق وعودهم، ويرددون علينا صباح مساء ضرورة التحالف والائتلاف معهم ونحو ذلك، وتراهم يقومون في داخل بلادنا الإسلامية على اختلاف رقعتها بما يريده العدو، بل بما هو أكثر من ذلك، أفلستم تسمعون وترون الصيحات المتتابعة والأعمال المتواصلة لتغيير مناهج التعليم، واجتثاث جذورها الدينية، واقتلاع صلتها الإسلامية، ومحو ارتباطها التاريخي؟! ويقولون لك: إنه لابد من ذلك وإلا فإننا سنكون في نظر العالم متطرفين وإرهابيين وغير ذلك! أفلا تراهم وهم يحدثونك عن العمل الخيري وركن من أركان الإسلام وهو الزكاة ومساعدة المحتاجين وتأكيد وحدة المسلمين، وما يلزم من الوقوف مع الممتحنين والمضطهدين فيقولون: إن ذلك مساندة للإرهاب، وإننا إنما نبدد أموالنا في غير معركة -كما يقولون- ناجحة؟! ثم إنهم يقولون: إن هناك خطراً عظيماً، وإن صورنا الدولية في العالم ينبغي أن تضبط، وأن تحسن، ولابد من التضييق على هذا العمل الخيري، ومن إغلاق مؤسساته، ومن تجفيف منابعه، ومن ومن إلى غير ذلك، ويسعون فيه فعلاً لا قولاً، ثم تراهم وهم يطنطنون على قضية المجتمع، والمرأة وحريتها ومشاركتها وعملها فيما ليس معروفاً ومضبوط بضوابط شريعتنا وبأسس مجتمعاتنا، بل بلسان عدونا، وبمنطق ديمقراطيته، وبمبادئ حريته، وبأسس إباحيته إلى غير ذلك.

وهكذا ترى أحدهم وقد كتب عن الفلوجة التي تحدثنا عنها فيقول: إن هذا الفعل من أولئك القوم ومن الذين ينادون بنصرتهم والوقوف معهم، إنما هو خطأ محض، وإنما هو تهور لا داعي له؛ لأنه يفسد الصورة المستقبلية المرجوة من تسليم الحكم لأهل البلاد، ومن شيوع الأمن، وحلول الديمقراطية، وحصول التقدم وغير ذلك من الوعود التي لا يصدقها إلا صاحب هوىً أو صاحب حمق نسأل الله عز وجل السلامة.

الله جل وعلا يخبرنا عن أمثال هؤلاء وغيرهم، ويبين أنهم مع وضوح الرؤية لديهم كأنما يقصدون الحرب لدين الله عز وجل، قال سبحانه وتعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:٣٢ - ٣٣]، وكل صورة من صور العداء للدين أو مواجهته أو التضييق عليه فإنما صاحبها يعرض نفسه لمحاربة الله ورسوله، قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة:٣٣]، إنها صور من المحاربة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومحاولة لتغيير واقع الأمة بما يتوافق مع الأعداء، وذلك خطر عظيم.