[الإصلاح والدعوة إلى الله ومواجهة الأعداء مسئولية الجميع]
السؤال
هل على العلماء من مسئولية لأنهم انزووا فاضطر الشباب إلى أن يأخذ بزمام المبادرة؟ وهل من كلمة لتذكير العلماء بواجبهم في النزول إلى الشباب لمناقشتهم ومحاورتهم؟
الجواب
هذه مسألة جيدة، وقبل أن أعلق عليها أريد أن أجيب بإجابة لا تعجب في الغالب، ولكن لي فيها مقصد أن يلتفت نظرنا إلى هذا المعنى.
أريد أن أقول: لنجعل دائماً الجمع بين أمرين: إذا وجهنا التهم والتقصير للآخرين فلنكن أيضاً على نفس القدر من القوة والصرامة والصراحة في نقد أنفسنا واكتشاف قصورنا ومطالبة أنفسنا بما نطالب به غيرنا؛ لأن مسئوليتنا عن أنفسنا ودورنا ومن هم تحت أيدينا أكبر وأبلغ وأعظم، وإذا لم نؤدها فلا يعني ذلك أن لا نذكر نقصاً وخللاً عند غيرنا، لكن نحن -إلى حدٍّ ما- قد تعودنا -بل ربما أقول: إننا تخصصنا وأبدعنا- توزيع التهم على الآخرين وعدم الالتفات إلى حالنا نحن.
كما في حديث أبي هريرة:(يبصر أحدكم القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه).
وقبل أن أعلق على هذا أحب أن أقول: لنكن صرحاء مع أنفسنا، فنحن من أسباب بلاء هذه الأمة بما عندنا من تقصير، وبما نرتكب من مخالفات، وبما يقع منا من منكرات، فلو كل منا كان عنده صراحة مع نفسه لا نحسم جزء من الداء، ومع ذلك لا يعني هذا أن الحكام والأمراء أو الدعاة أو العلماء ليسوا مقصرين، لكن نقول: خذ ما تستطيع من ذلك، واهتم بأمرك، وليكن سعيك في ذلك أيضاً بما هو واجب عليك.
أما دور العلماء فلا شك أنه دور أساسي مهم، وأن التقصير فيه وغيابه الجزئي أو النسبي -خاصة في أوساط الشباب- كان له أثر كبير في كون العلم والبصيرة والحكمة لم تكن جرعتها بالقدر الكافي؛ حيث إن تلك الحماسة والعاطفة لم تقابلها تلك الصدور الرحبة والعقول الواعية والأيدي الحانية التي تستطيع أن تضبط العقل، وأن تؤثر أيضاً في حماس النفس، وأن تدل على الدرب وعلى الطريق، ولذلك أقول -والله أعلم-: إن هذا هو جزء من القصور في مجتمعاتنا وفي أمتنا الإسلامية بوجه عام، ولا شك أيضاً أن هذا جزء مما سعى إليه أعداؤنا، لكن أعداءنا من البديهي أنهم يواجهوننا ويحاربوننا، ولن نتوقع من الأعداء أن يعينوننا أو أن يخلصوا لنا النصح.
وأقول أيضاً: قد نكون نحن مقصرين، فلمَ لا نطلب من هؤلاء الدعاة؟ ولمَ لا نخاطب أولئك العلماء؟ ولم -أيضاً- لا يكون لنا بكمال الرشد وحسن الأدب والتزام الشرع دور في أن نصلح هذا الجانب فيما مضى أنه مفيد؟ ولا شك -في الحقيقة- أن الحاجة تتزايد بشكل ملح، وأن الصورة تظهر بشكل واضح في أن هذه الشقة وهذا البعد وهذه الفجوة إن لم يكن هناك مبادرة جادة وإيجابية ومنهجية وحقيقية واقعية وليست شكلية وظاهرية فسوف تزداد هذه المشكلة تفاقماً، ولعلنا -إن شاء الله- نؤمل مع كل ما يجد من أحداث في أمتنا أن هذه الأحداث لها أثر في إيقاظ الجميع وتحريك الجميع للقيام بأدوارهم المنشودة والمطلوبة، ولعلنا نأمل في الله عز وجل وفيما يجري بقضاء الله أن يكون فيه خير يقودنا إلى إصلاح هذه الأوضاع في سائر الميادين والجوانب كلها إن شاء الله.