الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين! أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! فأوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من أعظم التقوى الشعور بمآسي المسلمين والتألم بآلامهم، ومشاركتهم في آمالهم، ونصرتهم فيما يقومون به من جهاد وعمل في سبيل الله سبحانه وتعالى، وإن هذه الآمال التي تنطلق هي آمال صادقة حقيقة يؤكدها وعد الله سبحانه وتعالى، ويخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:(ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار) ويخبرنا عليه الصلاة والسلام في قوله: (ما من بيت مدر، ولا شعر إلا ويدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل؛ عزاً يعز الله به الإسلام والمسلمين، وذلاً يذل به الله الكفر والكافرين) إنها نصوص وإنها دلائل قطعية تأتينا من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يتسرب اليأس إلى نفس المؤمن الصادق والمسلم الحق، ولا يفت في عضده عداء المعتدين، ولا كيد الكائدين، ولا مؤامرات المجرمين؛ لأنه مع الله سبحانه وتعالى، ونحن نرى اليوم -بحمد الله- هذه الأوبة والجيل الذي نذر نفسه لله سبحانه وتعالى، ونرى بادرة عظيمة، وأملاً مشرقاً في راية الجهاد التي ترفع في أنحاء مختلفة من ديار المسلمين، ترفع لينطوي تحتها كل من يحب الله ورسوله، وكل من يريد أن يدافع عن دين الله، وكل من يسعى لرفع راية الله، وكل من يريد أن يمنع العدوان على حرمات الله سبحانه وتعالى، إنها راية الجهاد قد حملها الصغار والكبار، وسار بها النساء والرجال، إنها راية الجهاد التي انطلقت في أفغانستان، وتنطلق اليوم في كشمير، وترفع في البوسنة، وما تزال وما يزال نبضها قوي في فلسطين، ويحدثنا عنها حال الإنسان المسلم الصادق وهو يرى في هذا الجهاد ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم، عندما ذكر فضيلة الجهاد وأجره الذي لا يعادله أجر، وبين أنه يكون خاصاً بالمجاهد الجاهد، والمجاهد الجاهد هو الذي يلتذ بالجهاد، ويعشقه ويحبه، ويتوق إليه ويشتاق إليه، وحاله كما قال الشاعر: وحبي للجهاد يفوق حبي لأوطاني ونصر الدين همي ومرضاة الإله ببذل روحي ومرضاة الإله تزيل غمي ومرضاة الإله بحرب كفر وبغض الكفر في لحمي ودمي