نحن نرى أن تلك المظاهر تدفعها أسباب، وتهيئها أوضاع، ذلك أن هناك تربية أسرية تكرس هذه المعاني، فنجد كثيراً من الآباء والأمهات يغرسون في نفوس أبنائهم أنه لا ينبغي له أن يقرأ، ولا أن يتعلم ولا أن يعمل شيئاً، ولا أن تسند إليه مهمة، ولا أن يقوم بأي شيء.
وكذلك نجد أمراً آخر يساعد على ذلك، وهو البيئة الاجتماعية -الدائرة الأوسع من دائرة البيئة الأسرية- فنحن نرى حديث الناس في الصيف عن قضاء الأوقات أو قتلها في اللهو والعبث، أو غير ذلك من الصور التي تكرس هذا المعنى.
وأمر ثالث أيضاً: وهو الدعاية الإعلامية التي تعمق هذا المفهوم، فهناك دعوة للسياحة، ولقضاء أوقات الفراغ، وللتنزه، وغير ذلك من الأمور التي قد يكون أصلها ليس محظوراً ولا محرماً، لكن تعميقها وجعلها غايةً، وصرف الأوقات والأموال فيها؛ هو الأمر الذي ينبغي أن يترفع عنه المسلم.
إننا حينما نجسد هذه الصورة نقف على خطر عظيم، ذلك أن هناك وقتاً طويلاً يمتد إلى أشهر، وشبابنا وشاباتنا وطلابنا وطالباتنا تصل أعدادهم إلى الملايين، وهناك أوضاع متنوعة متعددة تضيع بلا جدوى ولا ثمرة.
ونحن أمة نحتاج إلى مزيد من مضاعفة الجهد والعمل وتحصيل الثقافة والعلم؛ لندرك من سبقنا في أبواب كثيرة من أبواب التقدم والعلم، ولنحصل كثيراً مما فاتنا وسبقتنا إليه أمم أخرى، ومع ذلك نجد الأمر على هذا النحو.
بل إننا نجد شكوى مزعومةً من بعض الشباب في أوقات الدراسة، هذا وهم يأملون ويؤجلون كل آمالهم وطموحاتهم إلى هذه الفترة؛ فتجد أحدهم لا يجد فرصةً للعبادة والطاعة بحجة انشغاله بالدراسة، وآخر لا يجد متسعاً من الوقت للثقافة والاطلاع وزيادة المعلومات بسبب الانشغال بالتحصيل والاختبارات، وثالث لا يرى فرصةً لتنمية المهارات، أو ممارسة الهوايات، فأين هذا كله في هذه الفترة؟