لابد من التحول من الكسل إلى العمل، فكثيرون منا أخلدوا إلى الراحة، وأصبحوا يستثقلون أدنى درجات الحركة والنشاط فيما هو من الفرائض والواجبات، فضلاً عما هو فوق ذلك من السعي في مصالح المسلمين، والعمل على الإصلاح والتغيير، والتنادي إلى البر، والتعاون على البر والتقوى، وهذا -وللأسف الشديد- نادراً ما نجده، بينما نجد كدحاً وجداً وسبقاً وحثاً في مجال حياتنا الدنيوية، وكسبنا المادي، وطلبنا للترقي المعنوي، وغير ذلك مما نرى الناس يبذلون فيه عامة وقتهم، ومعظم جهدهم، وخالص فكرهم، ولا يكون لإسلامهم وإيمانهم وأحوال أمتهم مثل هذا الاعتناء والاعتبار والأخذ بالأسباب المهمة، والله عز وجل دعانا للعمل بجد وبعزم وبحزم، وجعل العمل هو المناص فقال:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ}[التوبة:١٠٥]، وعندما دعينا للعمل دعينا بصيغ عظيمة، قال الله عز وجل:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[آل عمران:١٣٣]، وقال:{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[الحديد:٢١]، وقال:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}[البقرة:١٤٨]، وقال:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:٢٦]، وقال:{لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}[الصافات:٦١]، فهذه كلها صيغ تدلنا على أن الكسل والخمول لا موقع له ولا مكان له في صفة المسلم الحق، فكيف إذا كان المسلم في زمن ضعفت فيه الأمة، وذهبت هيبتها، وضاعت قيمتها، وتسلط عليها أعداؤها؟! إن الكسل حينئذٍ يكون جريمة عظمى، ويكون صورة من صور موات القلوب والنفوس، نسأل الله عز وجل السلامة.