للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطر السائقين والخدم على الأسرة والمجتمع]

أنتقل إلى النقطة الثانية، وهي قضية السائق أو الخادم, والأسباب هي نفس الأسباب السابقة في الغالب، أعني موضوع الترف والمحاكاة وما يلحق بذلك, وانشغال الأب ونحو هذه الأسباب, والمخاطر أيضاً فيها نوع من التقارب, لكن هنا اختلاف، فهناك العنصر النسائي مع الرجال, وهنا العنصر الرجالي مع النساء.

فمن هذه المخاطر خلوة السائق بالنساء من زوجة أو بنت أو غيرها, وكثرة الخلطة؛ فإن بعض صور التفريط تجعل السائق أكثر اختلاطاً بنساء البيت من الأب مع بناته, ومن الزوج مع زوجته, فالسائق يعرف ذوقها في الألوان، ويعرف مزاجها في الاستيقاظ والنوم، ويعرف تحب من الأطعمة ونحو ذلك، فيستطيع أن يلبي هذه الاحتياجات ويستحوذ على قلب المرأة، والمرأة مخلوقُ ضعيف، كما قال تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:١٨]، فهي تسترقها الكلمة العذبة, ويستمليها التصرف الجميل, وأحياناً تظهر التصرفات على أنها نوع من المجاملات العادية, فقد يهدي للبنت أو للزوجة, أو يثني على مظهرها, فهو الذي يذهب بها إلى مكان التجميل, فإذا خرجت يقول لها باللهجة العامية أو بلهجته المتكسرة: أنت اليوم جميل.

أو نحو ذلك، فيلفت نظرها, فتسمع منه ما لا تسمعه من زوجها، وكثرة الخلطة تؤدي إلى أن يكون هناك سبب وتهيئة لحصول الفاحشة والجريمة, وهذا يقع أحياناً.

النقطة الثانية في خطورة السائق أنه يعلم ويجمع الأخبار, ويتستر ثم يضغط, وقد يستفيد من هذه الأحوال، فهناك انحرافات, وهناك تجاوزات, حيث قد تخرج المرأة بغير أذن زوجها، والذي يوصلها هو الخادم، فيعرف المكان الذي ذهبت إليه، وقد تقوم البنت أحياناً عندما يوصلها إلى مكان بعمل معين، وهو يشاهدها, بل هو الذي يرافقها، وللأسف فهناك بعض النساء يرافقهن السائقون إلى داخل المحلات التجارية, فالمرأة تشتري وهو الذي يحمل, فيعرف ما أشترت من ملابسها، ويعرف أخص ما تحتاج إليه من كل الأمور، فيطلع على هذا, ويطلع على بعض العلاقات وبعض المخالفات, وبعض الأمور يتستر عليها, وقد يكون وسيط سوء، كما قد تكون الخادمة كذلك في تسهيل الأخطاء والفواحش.

وأيضاً قد يستخدم هذا لأسلوب الضغط ليحظى هو أيضاً بهذه الجريمة أو الفاحشة، عياذاً بالله سبحانه وتعالى، وهذا أيضاً يقع؛ لأنه يطلع على ما لا يطلع عليه غيره.

النقطة الثالثة: وقوع الفواحش خارج إطار الأسرة, وذلك بين الخدم والخادمات, وشيوع هذا الأمر، حتى ترتب عليه عدم الاهتمام بهذا الجانب.

النقطة الرابعة: عدم الاهتمام بالأحكام الشرعية, فكأن هذا السائق رجل من فصيلة أخرى من غير فصيلة بني آدم، ومن غير جنس البشر, فالمرأة تتكشف أمامه, وتنبسط معه, وتتحدث إليه, وقد تضع يدها على ظهره, وقد تصافحه, وقد تمزح معه وتظنه شيئاً آخر, وما هو إلا رجل فيه فطرة الله التي أودعها في كل إنسان, ويقع مثل هذا الأمر.

وهكذا الجرائم التي أشرت إليها من السرقة والقتل والفاحشة التي تقع سواءً في مجتمع الأسرة أو في المجتمع العام هي أيضاً داخلة في هذا الإطار.