[أهمية الانتباه لما يضعف مفهوم العبادة وأواصر الأمة]
وثانياً: أن ننتبه إلى أمور تتسلل إلى قلوبنا وعقولنا وكلماتنا تضعف قوة هذه المشاعر التعبدية على هذا النحو الواسع في المفهوم، وتضعف الانتماء والارتباط بالأمة، فنعود ونحن نريد إصلاح حالنا ووضعنا، وننسى إخواننا هنا وهناك، وتتقطع الأواصر ليس بالمشاركة المباشرة؛ بل حتى بالمواصلة المالية؛ بل حتى بالمواصلة بالتذكر والدعاء وغير ذلك من صور كثيرة تحتاج منا إلى مثل هذه المراجعة.
وهذا هو الذي لعلي أردت أن أوصله إليكم، وأوصله إلى نفسي أولاً.
وأما حديثنا عن العشر والفضل والأجر فمبذول ومطلوب، ولكننا لا نريد فقط أن نريح أنفسنا، وأن نتحدث بذلك، ثم ننصرف وكأننا قد أكملنا واجبنا تجاه أمتنا، وكأننا قد أدينا ما علينا تجاه ديننا، وكأننا قد نصرنا الله عز وجل، وننتظر أن يتنزل علينا نصر ربنا، ذلك ما أحسب أنه جدير باهتمامنا.
نسأل الله عز وجل أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يبدل حال أمتنا من بعد ضعفها قوة، ومن بعد ذلها عزة، ومن بعد فرقتها وحدة.
اللهم ألف بين قلوب المؤمنين، واجمع صفوفهم على كلمة الحق والهدى يا رب العالمين! اللهم اهدهم لما اختلف فيه من الحق بإذنك، وأخرجهم من الظلمات إلى النور.
اللهم وحد صفوفهم، واربط بين قلوبهم.
اللهم إنا نسألك أن تجعل أمة الإسلام أمة واحدة على أعدائها، متآخية فيما بين أبنائها.
اللهم إنا نسألك أن تردنا إليك رداً جميلاً.
اللهم خذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وألهمنا الرشد والصواب.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك الصالحين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وأقل عثراتنا، وامح سيئاتنا، وضاعف حسناتنا، وارفع درجاتنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة والدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء! اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، أحصهم اللهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، زلزل اللهم الأرض من تحت أقدامهم، واقذف الرعب في قلوبهم، واجعل الخلف في صفوفهم، واستأصل شأفتهم، ودمر قوتهم، ورد كيدهم في نحرهم، وأشغلهم بأنفسهم، واجعل بأسهم بينهم.
اللهم لا تبلغهم غاية، ولا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية.
اللهم أذل أعناقهم، وسود وجوههم، واجعلهم عبرة للمعتبرين، وأنزل اللهم بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز يا متين! اللهم رحمتك ولطفك بإخواننا المؤمنين المضطهدين والمعذبين، والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين، والجرحى والمرضى في كل مكان يا رب العالمين! اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وآمن روعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين.
اللهم اجعل ما بقي من هذا الشهر لنا ولهم أمناً وأماناً، وسلماً وسلاماً.
اللهم وفقنا فيه لطاعتك ومرضاتك، واجعل ختامه ختام خير مختوم بالمغفرة والرضوان والعتق من النيران برحمتك يا رب العالمين! اللهم اجعل لنا ولهم من كل همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء! اللهم ثبت إخواننا المجاهدين، اللهم أنزل على قلوبهم الصبر واليقين، وثبت أقدامهم في مواجهة المعتدين، وحد اللهم كلمتهم، وقو شوكتهم، وسدد رميتهم، وعظم قوتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين! اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء! اللهم مكن في الأمة لأهل الخير والرشاد، واقمع أهل الزيغ والفساد، وارفع في الأمة علم الجهاد، وانشر رحمتك على العباد برحمتك يا أرحم الراحمين! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، نخص منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
والحمد لله رب العالمين.