العائق الأول: التسويف الذي يستخدم سوف والسين، وغداً وبعد غد، وإذا تفرغت لكذا وكذا، أو قضيت نهمتي من شبابي أو نحو ذلك.
وما يدريك أن أجلك يمتد إلى أن تبلغ هذا المبلغ فتتوب وتستغفر؟ وما يدريك أنه إذا امتد أجلك سيكون في قلبك إخبات وخضوع وخشوع لله فتتوب وتستغفر؟ ألم تسمع قول الحق جل وعلا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}[الأنفال:٢٤]؛ فأي ضمان لك أن يضرب على قلبك ويسود بتكاثر الذنوب فيموت ويعمى فلا يعود فيه أثر لإشراقة إيمان، ولا أمل لبارقة توبة؛ ويختم على قلبك كما يختم على قلوب أهل النفاق؛ فتظلم نفسك وروحك فلا يكون عندك انبعاث إلى توبة ولا طاعة؟ نسأل الله عز وجل السلامة.
قال ابن القيم رحمه الله: مثل المسوف كمثل رجل أراد أن يقتلع شجرة من الأرض، فلما جاء وجدها قوية راسخة في الأرض فتركها، وقال: أرجع إليها بعد عام، فإذا رجع إليها بعد عام كانت قد امتدت جذورها، وعظم رسوخها، وصعب قلعها، وكان هو قد امتد به العمر ووهنت قواه، وكلَّ عن ممارسة هذه العملية المهمة، فليس هناك أحمق من هذا الذي يترك الأمر حتى يعظم، فلئن عجز عنه وهو في مبتدئه فهو عنه في منتهاه أعجز، فلا تجعل التسويف قنطرة يقودك بها الشيطان من ذنب إلى ذنب، ومن واد للشهوات والملذات المحرمة إلى واد آخر، فما تزال تتردى من حفرة إلى حفرة إلى واد سحيق، إلا أن يتداركك الله برحمته.