وانظر إلى التطبيق العملي لحق التملك وحق التصرف وحق الأهلية والاستقلالية المالية: روى مسلم في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها، زوج الزبير رضي الله عنه، تقول:(كان لي جارية فبعتها -يعني كما يظهر من الرواية أنها باعتها من غير إذن سابق من زوجها- قالت: فدخل الزبير وثمنها في حجري فقال: هبي هذه الأموال لي، يطلب منها الزبير وهو الزوج الذي له حق الطاعة في شرع الله عز وجل قالت: فقلت: إني قد تصدقت بها).
هذه صورة حية من داخل بيت مسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه المرأة باعت جاريتها لأن لها حق التصرف في ملكها ومالها، وليس من شرط صحة عقدها إذن زوجها وإن كانت لو أخذت رأيه أو استشارته لكان ذلك حسناً، لكن لا يترتب عليه فساد عقد ولا إبطال بيع، فلها مطلق الحرية في التصرف في مثل هذا الشأن.
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال:(طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها -أي: أن تقطف التمر من النخل- فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بلى فجدي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً)، أي: جدي نخلك فهو ملك لك عسى أن تبيعيه ثم تتصدقي منه أو تصنعي معروفاً.
فهذه أيضاً صورة حية لاستقلالية المرأة المالية في إطار الشريعة الإسلامية.
وكذلك حديث ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها:(لما أعتقت وليدة لها فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له: إني أعتقت وليدتي-فهو لم يكن يعلم من قبل بما فعلت، ولم يكن يترتب على إذنه صلى الله عليه وسلم صحة فعلها- فقال لها: أما إنك لو وهبتيها لأخوالك لكان أعظم لأجرك)، كما في صحيح البخاري.