الحكمة العامة في ذلك: رحمة الله جل وعلا بالخلق الذين يعلم سبحانه وتعالى طبيعتهم، وغفلتهم من بعد ذكرهم، وضعفهم من بعد نشاطهم، وفتورهم من بعد إقبالهم، فيدركهم الله عز وجل بحكمته ورحمته؛ ليقيل العثرات، ويمحو السيئات، ويضاعف الحسنات، ويفيض الخيرات، ويعمهم بالبركات، فإنهم ضعفاء ليست لهم قوة ولا حول إلا بحوله وقوته سبحانه وتعالى، قال سبحانه:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:١٤].
والله تعالى جعل لنا من رحمته في أيام دهرنا نفحات نتعرض فيها إلى الرحمات، ونتطهر فيها من المعاصي والسيئات؛ لتتزكى النفوس، وتطهر القلوب، وتقبل الجوارح على طاعة الله عز وجل، ولو لم يكن ذلك كذلك لاستولت الغفلة، ولأظلمت النفوس، وقست القلوب، وعميت العيون، وصمت الآذان، إنها حكمة الخالق ورحمته الغامرة! فمن ذا الشقي الذي لا يتعرض لها؟ ومن ذا الغبي الذي لا يفطن لها؟ فحاول قليلاً من التدبر والتأمل بالفكر والعقل التماساً للحكمة، وقليلاً بل كثيراً من التعرض للخير والطاعة والفضل والرحمة.