إن كل دروس الحج إنما هي دروس عملية، ونأخذ بعض هذه الدروس من حيث التربية العملية، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال في حجة الوداع:(لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى) فهذه مقالة تتجلى فيها العملية لتحقق هذه المقالة، بينما غيرها من أقوال الناس أو الدول تبقى نظريات حالمة، أو خيالاً وأمنيات لا يصل إليها الواقع، ونحن اليوم في هذا العصر وفي هذا الزمن وفي ظل النظام الدولي الجديد يقولون: المساواة ونبذ العنصرية.
ثم تجد أن التطبيق العملي على عكس ذلك في كثير من الصور والأوضاع والوقائع، لكن في الحج تجد فيه درس المساواة ونبذ العنصرية متجدد بصورة عملية، فإذا الأسود إلى جوار الأبيض، وإذا الضعيف إلى جوار الغني، وإذا صاحب النسب إلى جوار من ليس له شرف في نسب، صورة عميلة متجسدة توقن من خلالها الأمة أن المساواة حتم لازم بإذن الله سبحانه وتعالى.
فأي نظام يدعي المساواة يستطيع أن يأتي بعشر معشار ذلك المشهد العظيم الذي يتم في الحج وتتجسد فيه المساواة بصورة عملية لا فرق فيها بين حاكم ومحكوم، ولا بين غني وفقير، ولا بين عالم وجاهل؟! بل الكل في ميزان الشرع وفي ميزان الإسلام سواء، لا يتفاضلون إلا بتقواهم لله عز وجل.