كثيراً ما يرتبط بالأذهان أن إجازة الصيف هي خلو عن أي عمل، وترك لأي طلب أو أخذ أو زيادة في العلم، وهذا يظهر أكثر في صفوف طلاب المدارس والجامعات الذين تتوقف دراستهم؛ فيرى أحدهم أن نظره في كتاب، أو مطالعته في مسألة، أو مراجعته لمنهج من المناهج كبيرة من الكبائر، وعظيمة من العظائم، وتسلط في أذهان كثير من أبنائنا وشبابنا أن هذه الفترة رغم امتدادها وطولها، ورغم وجود الفراغ فيها، ورغم تهيؤ كثير من الأسباب النافعة خلالها: أنه ينبغي لهم أن يكونوا عطلاً من كل علم وعمل، ونجد ذلك يتمثل في صور عمليه، وظواهر اجتماعية كثيرة: منها: السهر والعبث: فنحن نرى كثيرين في هذه الأوقات لا ينامون إلا بعد الفجر، أو ربما بعد انبثاق النور وبداية النهار، وذلك ليناموا بعد ذلك سائر يومهم، ونجد هذا السهر عابثاً ليس فيه شيء ينفع ويفيد في غالب الأحوال، بل فيه لغو باطل، وكلام لا نفع فيه، وربما وقع فيه اجتماع على بعض صور وأعمال من معاصي الله عز وجل، وربما يكون فيه كثير من أسباب الأذى؛ ولذلك نجد هذه الصورة تبرز لنا لتدلنا على هذا التعطل والبطالة.
وصورة أخرى نراها أيضاً تابعة لها، وهي النوم والكسل: فلا انشغال بعمل، ولا ارتباط بهدف، ولا سعي لإنجاز مهمة، بل لو كان هناك وقت غير النوم فإنه يقضى في الفراغ الذي لا جدوى فيه ولا نفع.
ونجد أيضاً صورةً ثالثة: وهي التفاهة والأذى التي نجد فيها كثيراً من الشباب والشابات، رغم سهرهم وعبثهم، ورغم نومهم وكسلهم، يفيض الوقت لكثرته، فلا يقضونه إلا في أمور تافهة، يفكر أحدهم في ملابسه أو سيارته، وتفكر الأخرى في زينتها أو أسواقها، أو غير ذلك، ويقع من وراء ذلك ما يقع من الأذى للناس، أو من التجريح لهم، أو ما يقع من آثار الاجتماعات والتجمعات التي يقضون فيها أوقاتهم، فنجد حينئذ تجسداً لهذه الصورة التي لا تليق بالمسلم، فضلاً عن شباب الأمة الذين هم أملها المرتقب.