أنتقل إلى طائفة ثالثة وهي مفارقة ومخالفة، فحالنا يجمع أموراً عجيبة، وتناقضات غريبة، إنها أحداث قائمة على منهج خاطئ، وتهور مرفوض، وسفك للدماء المعصومة، وإتلاف للأموال المحترمة، وإخلال بالأمن، ذلكم ما جرى ويجري في بلادنا من تلك العمليات والتفجيرات والاغتيالات، وقد أسلفنا القول فيما هو صحيح في ارتباطه أو صلته من قريب أو بعيد بمعاني الجهاد، أو بمعاني الإصلاح والتغيير المطلوب والمرجو منه نفع الإسلام والمسلمين، وليس فيها ما قد يكون شبهة من دليل فضلاً عن أن يكون حجة قاطعة، ثم هناك استنفار وتفجير للطاقات في غير مكانها، وميادين للمعارك في غير ساحاتها، وفرص للأعداء وتمكينهم، وفرص لإضعاف القوى والمجتمعات والدول والشعوب الإسلامية، وإثارة النزاعات والقلاقل والاختلافات، فأي شيء وراء ذلك ونحن نعلم تعظيم حرمة دم المسلم؟ قال عز وجل:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء:٩٣]، وكلنا يعلم ما ورد في ذلك من الأحاديث، وقد أسلفت القول مراراً وتكراراً؛ فإن هذه صفحة سوداء مظلمة، وإن هذا مسلك وخيم العواقب، وليس له حجة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ونهج الصحابة، وليس في سلف الأمة من جنح إلى مثل ذلك، وكلما شذ عن هذا فقد جاءنا فيه بيان واضح شافٍ من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن التحذير من تلك المزالق والمأزق، فينبغي لنا أن ندرك ذلك؛ لأنه على خلاف نهج ديننا، ولأنه على تناقض مباشر مع مصالح أمتنا، ولأنه يصب في الجملة في خانة أعدائنا، وتلك صفحة أخرى وطائفة أخرى قل عددها، ونرجو ألا يكون فينا ولا معنا ولا بيننا من قد يلتبس عليه أمرها.