وردت بعض التساؤلات عن بعض القضايا التي ذكرت فيما مضى، من ذلك استشهاد عائشة رضي الله عنها بقول لبيد: ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في زمن كجلد الأجرب يقول السائل: أليس هذا قولاً محذوراً فيه نوع من النقد والتذمر من الزمان؟ نقول: ليس هذا داخلاً في مثل هذا، بل هو نوع من ذكر فضيلة الزمن السابق، وما وقع من الخلل والخطأ في الزمن اللاحق، وليس فيه تمن للموت، ولا سب للدهر، وإنما هو وصف للحال، وفي الصحيح عند البخاري من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال عليه الصلاة والسلام:(ما من زمان يأتي إلا والذي بعده شر منه) فوصف الزمان بالشر أو بوقوع الفساد ليس محذوراً، بل هو من التنبيه على ما وقع فيه من خطأ وفساد.
وأيضاً سائل سأل عن مسألة بعينها في النص الذي نقلته عن شيخ الإسلام ابن تيمية من (اقتضاء الصراط المستقيم) فيما يتعلق بمسألة المولد النبوي، وقال: هل يفهم من الكلام أنه إقرار وإباحة؟ قلت فيما مضى في نص كلام الشيخ: إنه ليس له أصل مشروع، وهو مبتدع، لكن كان الاستدلال من كلام الشيخ أنه قد يكون فيه خير وهو بدعة، وكان الكلام أنه لا بد من إزالة البدعة وإحلال السنة، فإن لم يستطع فإزالة البدعة، وإخلاؤها من غيرها، يعني: أن يبقى الأصل من السنة والخير عامراً، أما إن اقتضى زوال الابتداع اليسير مع فوات الخير الكثير فهذا غير صحيح في مراعاة المصالح والمفاسد.
فالمولد في ذاته غير مشروع، وليس له أصل من فعل النبي عليه الصلاة والسلام، ولا صحابته رضوان الله عليهم، ولا سلف الأمة، ولا أعلام الأئمة المعروفين، والمعتبرة أقوالهم.
وأخيراً: هناك جملة من المقترحات فيما يتعلق ببعض الموضوعات في الدرس وغيرها، وأشير أيضاً أن بعض مشاركات الإخوة التي وردت ستكون إن شاء الله موضوعات مستقلة؛ فإن كثيراً من المشاركات جاءت حول موضوع القراءة وطلب العلم، وما هو الأولى فيها، وكيف الطريقة في طلب العلم، ومثل هذا إن شاء الله يكون موضوعاً مستقلاً.
وكذلك بعض المطالبات والمشاركات سنفرز لها موضوعات إن شاء الله فيما يأتي.
ونسأل الله جل وعلا أن يكون هذا الحوار وغيره خيراً ونفعاً وفائدةً، وأن يعيننا الله به على أنفسنا، وأن نتجرد فيه من ذواتنا، ومن أهوائنا، ومن حظوظ أنفسنا؛ لنكون أتبع لكتاب الله ولسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وبالنسبة لبقية الأسئلة سنفرد لبعضها مع ما مضى درساً ننتقي فيه بعض هذه الأسئلة المهمة؛ لأنه وردت أسئلة مهمة، لكن يضيق الوقت عنها، وسنجمعها ونصنفها مع بعض الأسئلة الماضية لتكون إن شاء الله في إجابات واحدة.
نسأل الله عز وجل التوفيق والسداد، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.