وثالثة هي من أمور السعادة والهناء، وهي انشراح الصدر وسكينة النفس التي يشعر بها الإنسان بعيداً عن الأمور التي ذكرناها في شئون الأمن، قال سبحانه:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ}[الأنعام:١٢٥].
هذه أيضاً ربما لا يشعر بها كثير من أهل الإيمان والإسلام لأنهم قد ألفوها، لكنهم لو رأوها في الذين اضطربت نفوسهم، وحرجت صدورهم، فضاقت الدنيا رغم سعتها في وجوههم، وأظلمت رغم أنوارها في أعينهم، فعاد الواحد منهم ينتحر كما نرى في دول الكفر، أو يقتل أبناءه، أو يقتل زوجته، أو ما نرى من صور الاضطراب والحيرة وضيق الصدر والتبرم؛ لأن هذا الذي قد بعد عن الإيمان وطاعة الرحمن فقد أساس سكينة نفسه، فلا يعود منتظماً في تصرفاته، ولا يعود منطقياً ولا فطرياً في أفعاله، ولذلك قد آتى الله عز وجل أهل الإيمان النور الذي يبعث الضياء في الصدر والقلب، فيكون حينئذ على بينة من ربه قال تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}[الأنعام:١٢٢] الذي في الظلمات لا بد أن يخبط خبط عشواء، لا بد أن يقع في حفرة، لا بد أن يأتي ليضرب فتقع ضربته في غير موضعها، بل ربما ترتد إليه، وهكذا يقع حال المتخبط بعيداً عن الإيمان.