الحمد لله خلق الخلق، ووهب الرزق، وقدر الأقدار، وكتب الآجال، أحمده سبحانه وتعالى جعل القرآن هداية وعصمة، والسنة سلامة وحكمة، وجعل الاستمساك بهما نجاة من كل فتنة، له الحمد سبحانه وتعالى كما يحب ويرضى، على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، هو أهل الحمد والثناء، لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، فله الحمد على كل حال وفي كل آن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وسيدنا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، علم الهدى ومنار التقى، معلم البشرية وهادي الإنسانية، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجعلنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، بصرنا من العمى، وأرشدنا من الغواية، وكثرنا الله من بعد قلة، وأعزنا الله به من بعد ذلة، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: فإن منهج الإصلاح في القرآن والسنة موضوع يهمنا جميعاً، ونفتقر إليه كثيراً، فيه النور الذي يبدد الظلمات، والعصمة التي تمنع من الفتنة، والحكمة التي تمنع من الطيش، ولا شك أننا -معاشر المؤمنين- نوقن بأن الخير كله والهدى كله والصلاح كله مستودع في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيهما جمع كل متفرق، وتأليف كل مختلف، وفيهما بيان كل حق، ودحض كل باطل، ومن هنا فإن المؤمن الحق والمسلم الصادق ينبغي عليه أن يحقق واقعاً لا قولاً، وأن يجتهد فهماً وتطبيقاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإننا في عصر اضطربت فيه الآراء، واختلطت فيه الأهواء، وتكاثر فيه الأعداء، ولا شك أن ذلك كله موجب ودافع إلى العود إلى المنبع الصافي الذي لا تشوبه شائبة، وإلى المنهج الكامل الذي لا يعتريه نقص، وإلى المسلك المستقيم الذي ليس فيه اعوجاج، وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.