[ضرورة العمل في مواجهة الأعداء ولو بالمقاطعة وترك التطبيع]
أفرد الكلام عن خطر التطبيع مع اليهود الذي أعلن ولي العهد تحذيره منه، ورفضه له؛ لأن فيه من المخاطر ما هو معلوم، ولعلنا ندرك الأمور التي قد جرت فيما سبق، وظهرت آثارها السيئة، فما بالنا لا نعتبر ولا ندكر؟! إننا لا نريد أن نعلن الصراخ والنواح، ولست ممن يجيد فن التأثر والانفعال بالعواطف حتى نستدر الدموع ثم نمضي بعد ذلك لنسلي أنفسنا بأننا قد قمنا بشيء عظيم.
إن هذه المشاعر لابد أن تترجم إلى منهجية مبدئية ثابتة، وإلى صورة عملية فاعلة، وكل في عنقه أمانة وعلى كاهله واجب، وكل يدرك ذلك، ويعرف كيف يطبقه، ومن قال غير ذلك فإنما يغالط نفسه.
وأخيراً أيها الأحبة! كنت أتحدث فيما مضى عن الغلو ومخاطره ومعالمه؛ فأبدى بعض الإخوة تحفظاً على ذلك، وأرادوا ألا نسترسل في هذا الحديث، وقالوا: ليس في الناس من هو متشدد كما تذكر في مظاهر الغلو! وأقول لأولئك الذين تتابعوا في حديثهم إلي: إن القضية أعظم وأخطر مما تتصورن، وإننا عندما نخاطب الناس لا نخاطبهم لأنهم هم واقعون في ذلك، ولكن ليكون الأمر وقاية لهم، وبياناً لهم؛ لئلا يقعوا فيه، وليكون فرصة لهم ليتزودوا بعلم وثقافة وفهم يغيرون به غيرهم ممن قد يقع في هذا الأمر.
ولأن القلة التي تجنح إلى منهج خاطئ له تداعيات عملية خطرها أعظم، وقد أشرت إلى أهم وأعظم خطرين في استحلال الدماء بالتكفير، وفي استحلال نزع الأمن لنزع الشرعية، وما يترتب على ذلك من بلاء عظيم وشر مستطير، فليست القضية سهلة، وليس المقام في هذا المقام إلا مقام التنبيه على الأمور الخطرة، ولا نريد مرة أخرى أن ننساق وراء عواطفنا، بل نكون على منهج الكتاب والسنة، وفيه مراعاة مصالح الأمة.
نسأل الله عز وجل أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يجعلنا بكتاب الله مستمسكين، ولهدي رسوله صلى الله عليه وسلم متبعين، ولآثار الصحابة والسلف الصالح مقتفين.
اللهم إنا نسألك التقى والهدى والعفاف والغنى! اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا! اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء! اللهم مكن في الأمة لأهل الخير والرشاد، واقمع أهل الزيغ والفساد، وارفع في الأمة علم الجهاد، وانشر رحمتك على العباد! اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وردنا إلى دينك رداً جميلاً، واهدنا واهد بنا، واجعلنا هداةً مهديين! اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين، واكتبنا في جندك المجاهدين، واجعلنا من ورثة جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا! اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في أرض فلسطين وفي كل مكان يا رب العالمين! اللهم ثبت أقدامهم، وأفرغ على قلوبهم الصبر واليقين، وثبتهم في مواجهة المعتدين، ووحد اللهم كلمتهم وأعلِ رايتهم، وسدد رميتهم، وقوِ شوكتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين! اللهم عليك بسائر أعداء الدين؛ فإنهم لا يعجزونك! اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً! اللهم إنهم قد طغوا وبغوا وتجبروا وتكبروا! اللهم إنهم قد أذلوا عبادك المؤمنين، وانتهكوا حرمات المسلمين، ودنسوا مقدسات المؤمنين! اللهم عليك بهم أجمعين! أنزل اللهم بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز يا متين! اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، زلزل الأرض من تحت أقدامهم، واقذف الرعب في قلوبهم، واجعل الخلاف في صفوفهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين عاجلاً غير آجل يا قوي يا عزيز يا متين! اللهم أقر أعيننا بنصر الإسلام والمسلمين، واشف من الأعداء صدور قوم مؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم يا رب العالمين! اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، يا رب العالمين! اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه، يا سميع الدعاء!