ثم نزيد الأمر ونأتي بأمور أخرى؛ فإن التشريع الحكيم قد أوردها وذكرها، فنهى عن الرائحة التي تكون مثيرة أيضاً، وقد جاء ذلك عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم؛ لأن من الناس من إذا ذكرت ذلك له قال: ما هذا التشدد، وما هذا التضييق؟! ولمَ أنتم تفكرون بالتفكير والهوس الجنسي كما يقولون؟ فليستمعوا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وليجترئوا إن كانوا قد خلت قلوبهم من الإيمان بأن يوجهوا مثل هذه التهم -والعياذ بالله- إلى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو الذي قال ولسنا نحن، ولأنه هو الذي حذر ونبه ولسنا نحن، وهو يبلغ عن رب العزة والجلال، فأين يمضي أولئك الذين يقولون تلك الأقاويل ويطلقون تلك التهم على عوارمها ولا يدرون أنهم يجترئون على الله جل وعلا وتشريعه وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه؟! قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة) لماذا؟ لأن تلك الرائحة منها قد تلفت النظر إليها، وقد تعلق القلوب بها، وقد تكون سبباً للفتنة.
وفي الحديث الآخر الذي رواه النسائي في سننه والإمام أحمد في مسنده من رواية أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت فخرجت على قوم ليجدوا ريحها فإنها زانية) والمقصود بذلك ليس حكم الزنا المعروف، فإنه لا يثبت بذلك، ولكن إشارة النبي صلى الله عليه وسلم تفهم من وجوه، وهي أن الزنا المعروف هو زنا الفرج، لكن ثمة زناً للنظر وللعين وللأذن، حتى للرائحة، أو إشارة إلى أن مثل هذا اليسير قد يدعو إلى غيره حتى يصل الأمر إلى الوقوع في الفاحشة.