الأمر الرابع: الدعاء الذي غفلنا عنه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر:٦٠]، إننا لم نعد على صلة وطيدة بربنا، لم يعد ندعوه كلما حزبنا أمر، ونفزع إليه كلما أدلهمت في وجوهنا الخطوب، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل:١٢٨]، {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}[البقرة:٤٥].
هذا هو هدي القرآن، فأين الدعاء الذي نرفعه إلى رب السماء في الأسحار قبل الفجر؟ أين الدعوات الصادقة أن يوفقنا الله أن يهدينا أن ينصرنا أن يوحد شتاتنا وتفرقنا أن يقوي ضعفنا ويزيل عجزنا؟ إننا نريد ونحتاج أن ندرك أن الدعاء عمل إيجابي وليس حيلة العاجز، فالدعاء استنجد به النبي صلى الله عليه وسلم في يوم بدر؛ فنزل النصر، ودعا به في يوم الأحزاب؛ فتفرق الأعداء، والله مجر سنته، وممض حكمته، ومثبت منهجه سبحانه وتعالى، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، وادعوا الله وقد قدمتم أسباب البذل والعمل، والاستقامة والصلاح، ينزل الله عليكم النصر من حيث لا تحتسبون، أو نظن أننا سننتصر على أعدائنا بمكرنا وكيدنا، بعقولنا وتخطيطاتنا، بقواتنا وأسلحتنا، خاب إذاً والله سعينا! لابد أن ندرك أننا لن ننتصر إلا بدعاء ربنا بعد أن نبذل الأسباب، ولابد أن نلجأ إلى رب الأرباب سبحانه وتعالى فيارب هب لي منك صبراً ورحمةً ويا رب حببني بما فيَّ تكتب ويا رب زدني عنك فهماً لمحنتي وثبت يقيني فيك فالقلب قُلَّب وزدني إحساناً بما أنت أهله وحسن فعالي أنت نعم المؤدب وأنزل على قلبي الجريح سكينة وأحسن ختامي ليس لي عنك مذهب