كم هي النعم عظيمة! فالله الله! في هذه النعم الكثيرة الوفيرة، ومنها نعمة النصر.
وقد يقول أحدنا: أين هو النصر؟ إنه النصر الأول، إنه النصر الذي لابد منه في كل معركة، إنه انتصار المرء على نفسه وشهوته وضعفه وهواه، لقد كنتم منتصرين حين أعلنتم الحرب على الشيطان، وأعلنتم المعارضة للهوى، وأعلنتم رفض كسل النفوس وميلها إلى الأرض وإخلادها إليها يوم قمتم إلى الله طاعين، يوم ظللتم على مدى شهر كامل صائمين، يوم قطعتم يومكم ونهاركم ذاكرين ضارعين داعين، لقد أعلنتم أنكم بالإيمان تقهرون كل شيء، وتزيلون كل عارض، وتستطيعون بإذن الله عز وجل أن تنتصروا في كل معركة تواجهون فيها أعداءً حقراء من أولئك البشر الضعاف مهما كانت قوتهم، ومهما تسموا بالقوة العظمى أو الكبرى؛ فإن الله جل وعلا قد ذكر كل قوى الأرض في شطر كلمة فقال:{وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}[الزمر:٣٦]، فكلهم دون الله عز وجل، وكلهم لا يستحقون من أهل الإيمان إلا وقفة صدق مع الله عز وجل، و {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}[البقرة:٢٤٩]، فالحمد لله على نعمة النصر على الهوى والشهوة، والحمد لله كثيراً، والله أكبر كبيراً.
فاحمدوا الله على نعمه، واثبتوا على طاعته، واستقيموا على شريعته، والحمد لله رب العالمين.