عندما تقرأ القرآن وترتبط به فإنك تربط أسباب الأرض بالسماء، فإن هذا القرآن قد أنزل من فوق سبع سماوات، وأنزل لتحيا به القلوب، وأنزل لينير ظلمات هذه الأرض، ويشع فيها النور بهدي الله عز وجل، فإذا قرأت القرآن فإنك تستنزل الأسباب، وتكون ذا صلة بالسماوات، وهي صلة حسية لا معنوية، فقد ورد في حديث أسيد بن حضير أنه كان يقرأ سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس -أي: تحركت واضطربت- فسكت فسكنت، فقرأ مرة أخرى فجالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف، وكان ابنه يحيى قريباً منها -أي: نائماً- فأشفق أن تصيبه الفرس، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها -أي: ما يرى هذه الظلة التي رآها في أول أمره- فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له:(اقرأ يا ابن حضير اقرأ يا ابن حضير، -يعني: حبذا لو واصلت القراءة- قال: يا رسول! أشفقت أن تطأ يحيى وكان منها قريباً فانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها، قال: وتدري ما ذاك؟ قال: لا، قال: تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم).
وفي حديث مشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما جلس قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)، ولا شك أن هذه صلة عظمى، ومنزلة عالية.