[الحذر من ترك الوقاية الدينية]
وأخيراً: أحبتي الكرام! إن القضية مهمة وإن إثارتها في مثل هذا الوقت أكثر أهمية، إننا اليوم أمام دعاوى العولمة وأمام دعاوى الانفتاح وأمام دعاوى وحدة الأديان والإخاء، وأمام دعاوى كثيرة تريد أن تخرجنا من حدود وقايتنا، حيث يقولون: لماذا تريدون أن تكونوا هكذا؟ ولماذا تمنعون المرأة من الاختلاط؟ ولماذا تمنعونها من أن تلبس ما تشاء؟ لماذا تحدون من حريتها؟ وفي جوانب أخرى أيضاً يقولون: لماذا تمنعون الكتب التي تعبر عن حرية الفكر؟ ولماذا تحاكمون من يجترئ على ذات الله عز وجل، أو يسخر برسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إن الفكر ينبغي أن يكون حراً، وينبغي ألا يكون هناك حدود.
وتأتينا أيضاً دعاوى ودعاوى كثيرة، وكلها تريد أن تزعزع ثوابتنا، وأن تهدم أسوارنا التي تحمينا؛ حتى نكون مثلهم، وحتى نصبح كلأً مباحاً كما هو الحال عندهم، وحتى ينفرط عقد الأمن الذي ننعم به، فيصبح حالنا كحال تلك البلاد في كل دقيقة واحدة تسجل جريمة اغتصاب وجريمة قتل وجريمة سرقة، فأي حياة هذه! وأي أمن هذا! وأي حضارة تلك؟! وأي تقدم هذا الذي يوصف؟! وأين هي معاني الإنسانية في تلك الوحشية أو في ذلك الاعتداء على الأطفال الصغار، أو في ارتكاب هذه الجرائم مع المحارم؟! فالأب يهتك عرض ابنته من الخامسة حتى الرابعة والعشرين، وأخبار كثيرة وقصص لا نقولها نحن، وإنما يظهرونها هم في وسائل إعلامهم.
إنها الحياة الشقية النتنة التي يراد أن يجر المسلمون إليها بأن يشككوا في مثل هذا، ونحن نريد أن نقف وقفات طويلة لننظر إلى منهج الوقاية في الإيمان وما أكرمنا الله به، وما منعنا وحذرنا منه حتى لا نؤتى من بدعة تتسلل إلينا، ولا من غلو يخرج بديننا عن وسطيته واعتداله، ولا من حرية فكر تؤدي إلى إقرار الكفر، فإنه كما يقولون: هناك شعرة طفيفة خفيفة بين حرية الفكر وحرية الكفر، فهم يريدون أن يغالطونا، وأن يعموا علينا الأمور، والحمد لله عز وجل فقد آتانا من حجج القرآن الساطعة، ومن هداية النبي صلى الله عليه وسلم الواضحة، ومن تاريخ أمتنا العريق، ومن وعينا، ومن يقظة علمائنا، ومن حركة دعاتنا؛ ما ينبغي أن نفرح به، وأن نستزيد منه، وأن نقبل عليه حتى يبقى لنا آثار تلك الوقاية التي ذكرناها، وحتى يبقى لنا طمأنينتنا وأمننا، وحتى يبقى لمجتمعاتنا نظافتها وطهارتها وقوتها وتماسكها.
نسأل الله عز وجل أن يقينا جميعاً الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يسلمنا بإسلامنا، وأن يؤمننا بإيماننا، وأن يهدينا بقرآننا، وأن يكرمنا باتباع نبينا صلى الله عليه وسلم.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم ارحمنا فإنا بك راحم، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر.
اللهم إنا نسألك التقى والهدى والعفاف والغنى، وأن تجعلنا هداة مهديين.
اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك المخلصين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا.
اللهم إنا نسألك إيماناً كاملاً، ويقيناً صادقاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وعلماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وتوبة قبل الموت، ومغفرة بعد الموت، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل، وأن تجنبنا الفتنة والزلل.
اللهم احفظ علينا إيماننا ويقيننا وأخلاقنا، وسلمنا من نزغات الهوى، ومضلات الفتن، ووساوس الشيطان، وقرناء السوء يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس راية الكفرة والملحدين.
اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك وعظيم سطوتك، اللهم زلزل الأرض تحت أقدامهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر، اللهم إنهم قد طغوا وبغوا وتجبروا وتكبروا وأذلوا عبادك المؤمنين وحاربوا هذا الدين؛ اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم لا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم آية، اللهم خالف كلمتهم، واستأصل شأفتهم، ودمر قوتهم، واجعل بأسهم بينهم، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم، اللهم اكفناهم بما شئت يا قوي يا عزيز يا منتقم يا جبار، يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين والمبعدين والأسرى والمسجونين، والجرحى والمرضى والمظلومين في كل مكان يا رب العالمين.
اللهم فرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، وامسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، واجعلهم من أهل الرضا بالقضاء، والصبر على البلاء، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل لهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا رب العالمين.
ربنا اصرف عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين.
اللهم يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين، من علينا بالعفو والعافية والسلامة والإسلام والأمن والإيمان، وأكرمنا بحفظ ذلك علينا يا أكرم الأكريمين.
اللهم احفظ علينا نعمك وزدها بشكرك يا رب العالمين.
عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين، والحمد لله رب العالمين.