تكتظ المدارس بالطالبات، وتمتلئ الجامعات بهن أيضاً، وهذه الفئة من الشابات هن أمهات المستقبل القريب، وهذا المجال التعليمي من أهم المجالات التي ينبغي أن تطرقها المرأة المسلمة الداعية، فالمُدرِّسةُ التي حباها الله عز وجل علماً وإيماناً والتزاماً لابد من أن تستشعر أن هؤلاء البنات أمانة في عنقها، وأن توجيههن وإرشادهن إلى الخير واجب لازم عليها، وأنها لابد من أن تستغل كل صورة ممكنة وكل وقت متاح للتأثير عليهن، سيما مدرسات التربية الإسلامية اللواتي يدرسن مواد الدين من توحيد وفقه وحديث وثقافة إسلامية، لابد من أن يكون هناك استغلال لهذا المجال، وأنشطة إسلامية توجه الفتيات المسلمات في مجال التعليم.
وهناك -بحمد الله عز وجل- قنوات متاحة، فهناك وحدات للتربية الإسلامية، أو مجالات لأنشطة الدعوة الإسلامية، مثلما يكون هناك جمعيات علمية وغيرها، فهناك -أيضاً- نشاط الدعوة الإسلامية في المدارس وفي الجامعات ينبغي بذل الجهد والطاقة بكل وسيلة ممكنة لاستغلاله واستثماره، فنحن نشكوا ويشكو غيرنا من وجود صور من الانحراف وتبادل الصور والرسائل وغير ذلك في مدارس الطالبات، وكذا في الجامعات، فهؤلاء سوف تنتشر هذه الممارسات الخاطئة والسيئة إلى غيرهن إن لم تقم المرأة الداعية من مدرسة أو طالبة بدورها الإيجابي في الدعوة، ويمكن أن نذكر هنا بعض الأمور: أولاً: القدوة، سيما في المُدرِّسة، فالمُدرِّسة وشخصيتها لها أثر كبير في الدعوة في هذا المجال، ونحن نعلم أن الجانب العاطفي في المرأة يجعلها إذا أعجبت تعلقت، فالطالبة التي تعجب بالمدرسة وترى فيها تميزاً في علمها وسمتاً وحرصاً من هذه المعلمة على الإرشاد والتوجيه تتعلق بها، وإذا تعلقت بها فإنها في غالب الأمر تتقبل منها وتجعلها مستودع سرها، وتجعلها المرجع لحل مشكلاتها، وتجعلها المستشار لرأيها عندما تعرض لها أية قضية تحتاج فيها إلى رأي أو إلى قرار، وهذا يجعل المدرسة قادرة على التوجيه والتربية، فلتحرص المدرسة على أن تكون قدوة وأن تكون متحببة متقربة إلى الطالبات مختلطة بهن حتى تكسب قلوبهن، وتستطيع أن تؤثر على عقولهن، وأن تغير من سلوكهن، ولا بأس في هذا الصدد أن يكون للمدرسة علاقة بأم تلك الطالبة، حتى تعرف منها بعض الأخبار، وأن تتعرف على أسرتها إذا استطاعت، ولو من خلال المحادثة الهاتفية، فإن ذلك يعمق القدرة على التأثير في هذا الجانب.
الجانب الثاني: استغلال الأنشطة والقيام بها من خلال بعض الدروس والمحاضرات وتوزيع الأشرطة والكتيبات والمشاركات الاجتماعية من خلال أمور أخرى سيأتي ذكرها، فيمكن أن تمارس في المدارس وفي الجامعات، وهذا مهم جداً، ويكفي أن نعلم أن عدد الطالبات في المدارس الثانوية أكثر من عدد الطلاب، وعلى سبيل المثال: يبلغ عدد الطالبات في المرحلة الثانوية -فقط- في مدينة جدة وحدها أكثر من ثماني عشرة ألف وخمسمائة طالبة، فانظر إلى هذا الكم لو أحسنت المدرسات أو الداعيات من غير المدرسات عبر بعض الأنشطة الرسمية من المحاضرات والندوات، لو أحسن وبذلن الجهد في التحضير والإعداد وفي المشاركة والإلقاء وفي المتابعة والتقويم، فلاشك أن هذا التأثير سيؤتي -إن شاء الله عز وجل- ثماراً جيدة وحسنة.