الخطوة الثالثة: إصلاح المجتمعات، ليس في إسلامنا: أنا والطوفان من بعدي، وليس في إسلامنا فهم خاطئ قد حذر منه الصحابة الكرام منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي بكر رضي الله عنه قال:(أيها الناس! إنكم تقرءون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}[المائدة:١٠٥]، أي: لا تفهموا الآية فهماً خاطئاً، فتظنوا أن قيامكم بأمر أنفسكم وأدائكم لفرائضكم يكفيكم، فلا تأمرون أحداً، ولا تنهون أحداً، بل أردف هذه الآية بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (والله! لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً، أو ليسلطن الله عليكم شراركم، فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم)، فينبغي أن ندرك خطورة ترك إصلاح المجتمع، إن المنكرات فاشية وظاهرة، وكأن الألسن قد خرست، والعيون قد عميت، والأيدي قد شلت، وهذه قضية خطيرة! فما بال القلوب لا تتأثر؟ وما بال الوجوه لا تتمعر؟ وما بال الألسن لا تحذر وتنذر؟ وما بالنا وقد أصبح في أحوالنا ما قد بلغ مرتبة خطيرة؟ فقد تحول المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، بل ربما نجد صاحب المعروف يستتر بمعروفه، ولا يكاد يرفع به رأسه، وصاحب المنكر معلن به ومجاهر، والناس يستحيون أن يقولوا له كلمة، أو أن يذكروه بموعظة، أو أن يبينوا خطأه وظلمه وفساده، وهذه قضية خطيرة! والله سبحانه وتعالى قد بين مغبتها، وحذر منها، ولابد أن ننتبه إلى العقوبات الناجمة عن ذلك، كما قال جل وعلا:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}[الأنفال:٢٥] وفي قراءة: (لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)، قال ابن تيمية: قراءتان صحيحتان، ومعناهما ليس فيه تعارض؛ فالظالم هو المرتكب للمنكر، وغير المرتكب غير ظالم من وجه، ويمكن أن يكون ظالماً إذا ترك الواجب في الإنكار على المنكر، كما قال تعالى:{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف:١٦٥].
فترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه سبب لمحق البركة، وسبب لوقوع البلايا والرزايا.