لا شك أننا نعرف ونسمع عن بعض الشباب الذين ليس لهم هم إلا قوائم الطعن والجرح التي يصنفون فيها الأسماء ويصنفون فيها الرتب من تفسيق أو تبديع أو تكفير، ثم يسجلون فيها المقالات والكلمات بتتبع وتقص مقصده الوقوف على الأخطاء، ثم يشغلون بذلك ليلهم ونهارهم، ويجعلون ذلك ديدنهم في حلهم وترحالهم، بل يبذلون في ذلك أموالهم، بل يرحلون فيه من مدينة إلى أخرى، وما ثمة عند هؤلاء وقفة مع تذكر لحرمة المسلم في ماله وعرضه ونفسه، وما ثمة مراعاة للذم والوعيد الشديد لأهل الغيبة والنميمة، ولا شيء من ذلك، وهذا الأمر يدل على قسوة في القلوب وتبلد في الإحساس وعمىً في البصيرة، نسأل الله عز وجل السلامة.
وهؤلاء أيضاً قد سلم منهم الأعداء؛ لأن جهدهم قد صب في نقد وجرح وثلم وإسقاط الأخيار من الصلحاء والدعاة والعلماء، وهذا المسلك مسلك شيطاني؛ لأنه باسم الدين أو بلسان الدعوة، ولأنه يهدم في هذا الدين ويقوض بنيان الدعوة، إذ يقول: الحق أحق أن يتبع، ولابد من تعرية الباطل، ولابد من كشف الخطأ.
وغير ذلك من الأوهام التي ما سلفت في سلف الأمة ولا دلت عليها الأدلة، ولا شهد لها فعل النبي عليه الصلاة والسلام، بل كان يقول -كما في سنن أبي داود -: (لا يبلغني أحد عن إخواني شيئاً فإني أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر)، وينقض أيضاً الوصية النبوية بالستر على المسلم:(من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) وكذلك بالتماس الأعذار وحسن الظن مع إبداء النصح، وغير ذلك من الآداب الكثيرة التي لا حصر لها ولا حد في شرع الله عز وجل.