[وجوب الجد في حمل أمانة الدين]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: فيا أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فاتقوا الله في السر والعلن، واحرصوا على أداء الفرائض والسنن، وإن القوة في الدين أمرها عظيم، وحسبنا في مقامنا هذا أن نصل إلى فائدة واحدة وهدف واحد، هو أن نقرر هذا المعنى، وهو أن الدين عظيم وأن أمانته جسيمة وأن رسالته ثقيلة، وأنه لا يمكن لنا أن ننال شرف حمل الأمانة ونشر الرسالة ونحن نائمون ملء عيوننا آكلون ملء بطوننا غارقون في شهواتنا لاهون بدنيانا منشغلون بأزواجنا وأبنائنا، بل لا بد من أن ننتدب إلى حقيقة القوة في أخذ ديننا، وليس ذلك فيه ترك لدنياك، ولا توقف عن عملك، ولا قطع لكسبك ورزقك، فما ذلك في دين الله عز وجل، ولكنه الهم الذي يستولي على القلب، والفكر الذي يشغل العقل، والعمل الذي يستنفذ الوقت والجهد، والطاقات التي تسخر كلها بنية صادقة خالصة لنشر دين الله, ولو بكلمة تقولها، ولو بموقف تقفه.
فما هي هذه القوة التي نريدها؟ إنها قوة اليقين والإيمان، قوة الطاعة والامتثال، قوة الغيرة والدعوة.
نسأل الله عز وجل أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً.
اللهم! إنا نسألك التقى والهدى والعفاف والغنى.
اللهم! إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم! أنطق ألسنتنا بذكرك، واملا قلوبنا بحبك، واستعمل جوارحنا في طاعتك، وسخرنا لنصرة دينك، واجعلنا ستاراً لقدرك في نصر الإسلام والمسلمين، واجعل -اللهم- أيدينا منفقة في سبيلك، وأقدمنا سائرة إلى طاعتك، وجباهنا خاضعة لعظمتك.
اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا.
اللهم! إنا نسألك أن توفقنا للصالحات، وأن تصرف عنا الشرور والسيئات، وأن تغفر لنا ما مضى وما هو آتٍ، برحمتك يا رب الأرض والسماوات.
اللهم! اجعل بلدنا آمناًً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، واصرف -اللهم- عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة.
اللهم! أعز الإسلام والمسلمين، وارفع -اللهم- بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس راية الكفرة والملحدين.
اللهم! من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء.
اللهم! عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك.
اللهم! إنهم قد انتهكوا الحرمات، واغتصبوا الأراضي، وأذلوا عبادك المؤمنين، ودنسوا مقدسات المسلمين، اللهم! فأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز يا متين.
اقذف -اللهم- الرعب في قلوبهم، واجعل الخلف في صفوفهم، وزلزل الأرض تحت أقدامهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين.
اللهم! استأصل شأفتهم، ودمر قوتهم، وفرق كلمتهم، ولا ترفع اللهم لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم آية، ولا تبلغهم غاية.
اللهم! ردهم على أعقابهم خاسرين، وسود -اللهم- وجوههم، وأذل أعناقهم، اللهم! أرنا فيهم عجائب قدرتك وعظيم سطوتك، واشف فيهم -اللهم- صدر قوم مؤمنين، عاجلاً غير آجل يا رب العالمين.
اللهم! انصر عبادك وجندك المجاهدين في أرض العراق وفي فلسطين، وفي كل مكان يا رب العالمين.
اللهم! زد إيمانهم، وعظم يقينهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين.
اللهم! إنهم حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، جائعون فأطعمهم، خائفون فأمنهم، مشردون فسكنهم.
اللهم! أعنهم على أمور دينهم ودنياهم، وردنا وإياهم إلى دينك رداً جميلاً، واجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء.
عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، أخص منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
اللهم! صلِّ وسلم وبارك وأنعم على نبيك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.